في سابقة نادرة، فجّر النائب العام الأسبق في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا، عبدالعزيز البغدادي، موجة انتقادات حادة ضد سلطات الجماعة في صنعاء، على خلفية اختطاف محامٍ بارز دون أي مسوغ قانوني، في واقعة تعكس عمق الانهيار في مؤسسات العدالة الواقعة تحت قبضة المليشيا.
البغدادي، الذي يعد أحد أبرز رجال القانون في مناطق سيطرة الحوثيين، نشر على حسابه في وسائل التواصل منشور غاضب قال فيه: "ارحموا أنفسكم من أنفسكم... فالظلم ظلمات في الدنيا قبل الآخرة"، في إشارة إلى ممارسات الأجهزة الأمنية التابعة للجماعة، والتي وصفها بأنها "تستهين بالقانون وتعتدي على رموزه".
الهجوم العلني من البغدادي جاء على خلفية اختفاء المحامي المعروف محمد لقمان، الذي أقدمت جماعة الحوثي على اختطافه من مكتبه الأسبوع الماضي في العاصمة صنعاء، ونقله إلى جهة مجهولة دون توجيه تهمة رسمية، وسط صمت مريب من نقابة المحامين التي لم تُصدر حتى الآن أي موقف بشأن الحادثة.
البغدادي اعتبر أن "خطف محامٍ يمثل اعتداءً صارخًا على العدالة وخرقًا لكل المواثيق"، مضيفًا: "احتجاز المحامي دون تهمة ودون علم أسرته أو نقابته هو تجاوز خطير يضرب ما تبقى من مفهوم دولة المؤسسات".
وتصاعدت في الآونة الأخيرة شكاوى من محامين في مناطق الحوثيين، تفيد بتعرضهم لمضايقات أمنية واعتقالات تعسفية أثناء ممارسة مهامهم، في ظل بيئة قمعية تقيد حركة القانون وتُخضع المحاكم لسيطرة أمنية مباشرة.
مصادر حقوقية أكدت أن العديد من المحامين أصبحوا يتجنبون الدفاع عن قضايا حرية الرأي والتعبير، خشية الاستهداف، فيما تواصل نقابة المحامين التي تخضع لرقابة الحوثيين، التزام الصمت حيال الاعتداءات المتكررة على أعضائها.
ودعا البغدادي سلطات الحوثيين إلى الإفراج الفوري عن المحامي محمد لقمان، أو تقديمه للنيابة العامة في حال وجود تهمة، مؤكدًا أن "مؤسسات العدالة لا يمكن أن تُبنى على الاختطاف والإخفاء، بل على سيادة القانون واحترام حماة العدالة أنفسهم".
وتعكس هذه الحادثة، بحسب مراقبين قانونيين، استمرار تغوّل الجماعة على سلطة القانون، وتحوّل الأجهزة الأمنية إلى أداة للقمع بدلًا من حماية الحقوق، في وقت يزداد فيه القلق الدولي بشأن انتهاكات الحوثيين لحقوق الإنسان وسيادة القضاء.