قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إن وقف إطلاق النار في لبنان لا يضمن انتصاراً دائماً لإسرائيل، لكنه يشير إلى نكسة استراتيجية لإيران.
وأضافت الصحيفة أن وقف إطلاق النار الحالي بين إسرائيل ولبنان لا يختلف بشكل كبير عن قرار الأمم المتحدة 1701 الصادر بعد حرب تموز 2006.
ووفق الاتفاق، فإنه من المتوقع أن ينسحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان مع سحب حزب الله مقاتليه وأسلحته من منطقة الحدود إلى حوالي 20 ميلاً إلى الشمال من نهر الليطاني.
وسيتم التوصل إلى هدنة مدتها 60 يوما، وخلال هذه الفترة سينشر الجيش اللبناني نحو خمسة آلاف جندي على الحدود، وينضم إلى قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
وخلال هذه المرحلة الانتقالية سيتفاوض لبنان وإسرائيل، بمساعدة دولية، على القضية الحيوية المتمثلة في ترسيم الحدود البرية بهدف إزالة مصدر مهم للاحتكاك بينهما.
وعلقت الصحيفة: "يبدو هذا وكأنه حدث من قبل، أليس كذلك؟ فحزب الله ليس منزوع السلاح، ويحتفظ بقدرة قتالية كافية لإيذاء إسرائيل ومنع سكانها في الشمال من العودة إلى ديارهم، وهو هدف رئيس للحكومة الإسرائيلية؛ وإسرائيل لديها الضوء الأخضر من الولايات المتحدة لمهاجمة المجموعة كلما رأت ذلك ضرورياً".
وأضافت: "ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كانت أدوار الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة ستكون أكثر فاعلية هذه المرة. وهذا يفترض أيضاً أن الجيش اللبناني يتلقى الدعم المالي الذي يحتاج إليه بشدة من القوى الدولية الصديقة، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، للانتشار بشكل كافٍ".
ويشير البعض إلى حقيقة مفادها أن آلية مراقبة جديدة وأكثر قوة، حيث تعمل الولايات المتحدة وفرنسا كحكمين، من شأنها أن تجعل العودة إلى السلاح بين إسرائيل وحزب الله أقل احتمالاً.
وقد تكون مثل هذه القوة الدبلوماسية التي تدعم الاتفاق مفيدة، لكن الصحيفة لا تعتقد أن هذه الآلية ستكون عاملاً حاسماً.
والواقع، بحسب "الغارديان"، فإن البنية الدبلوماسية المعززة التي نشأ عنها القرار 1701 ليست السبب الحقيقي وراء الاختلاف الذي طرأ على الأمور هذه المرة، بل إن البيئة الاستراتيجية برمتها تغيرت إلى حد كبير.
وكان هذا التغيير في صالح إسرائيل إلى حد كبير، بفضل آلتها العسكرية التي لا تعرف الكلل، والدعم الأمريكي غير المشروط تقريباً، فلم يسبق لإسرائيل أن استخدمت قوتها العسكرية على هذا النحو من قبل، كما أن واشنطن لم تقدم لها مثل هذا الدعم المطلق من قبل.
وذكرت الصحيفة أن "حزب الله وحليفته إيران عانيا من نكسة استراتيجية، لكنهما لن يعترفا بذلك أبداً".
وأوضحت: "كان هدفهما ربط كل ساحات المعارك الإقليمية التي تمتلك إيران نفوذاً فيها من أجل استنزاف إسرائيل وإخضاعها، ولكن إسرائيل نجحت في منع هذا الهدف، بشكل كبير، من خلال استخدام القوة الغاشمة".
وقالت "الغارديان" إنه حتى وقت قريب جداً، كان شرط حزب الله لوقف هجماته هو أن تنهي إسرائيل حملتها ضد حماس.
وأضافت: "لكن بموافقته على شروط وقف إطلاق النار، الذي يفصل بوضوح بين لبنان وغزة، تخلى حزب الله في الأساس عن حماس ومعها مفهوم الترابط الاستراتيجي، على الأقل في الوقت الحالي".
وتابعت: "لم يتوصل حزب الله إلى هذا الاستنتاج بمفرده؛ فقد رأت إيران كيف كان حليفها يتعرض للضرب المبرح من قِبَل إسرائيل، ومثلها كمثل مدرب جيد في مباراة ملاكمة، ألقى المنشفة في الحلبة لمنع ملاكمه من السحق".
وأضافت الصحيفة أنه "بطبيعة الحال، لا يعني أي من هذا أن إسرائيل حققت نصراً دائماً، أو أن إيران لن تجد طريقة لإعادة تأهيل شبكتها الإقليمية من الميليشيات".
وختمت: "ولكن هذه المرة، ونظراً لحجم الضرر الجسدي والنفسي الذي ألحقته إسرائيل بخصومها، فإن الأمر سيستغرق وقتاً أطول كثيراً من ذي قبل. كما يتعين على إيران التي تخشى المخاطرة أن تفكر مرتين في الكيفية التي قد تتفاعل بها إسرائيل حتى مع محاولة إحياء استراتيجيتها الإقليمية".
المصدر: إرم نيوز