تكبد الاقتصاد اليمني خسائر فادحة نتية نكبة إنقلاب ملشيا الحوثي في الـ21 من سبتمبر 2014م، حيث بلغت تراكميا 143.3 مليار دولار خلال الفترة (2015-2022).
وكغيره من القطاعات الاقتصادية في البلاد، تعرض القطاع الخاص إلى تجريف ممنهج طوال السنوات الـ9 الماضية منذ سيطرة مليشيات الحوثي على العاصمة صنعاء وذلك عبر إغلاق ومصادرة عشرات الشركات والمصانع والمنشآت التجارية، وفرض جبايات ورسوما وغرامات غير قانونية.
كما عمدت المليشيات الحوثية إلى احتجاز البضائع في المنافذ والتصرف بها وبيعها، وفرض قوائم سعرية، ما أدى الى إفلاس عدد من الشركات والتجار، ونزوح رأس المال الوطني خارج اليمن، وفقدان آلاف الموظفين وظائفهم.
وبرعت مليشيات الحوثية في التضييق على القطاع الخاص وابتزازه ومحاصرته، وهو ما عرّض كثيرا من المؤسسات التجارية والصناعية والمصرفية للانهيار والإفلاس، فضلا عن تشييد اقتصاد موازٍ تديره قيادات المليشيات الإرهابية.
ويرى خبراء اقتصاد أن تدمير القطاع الخاص من قبل مليشيات الحوثي يستهدف الاستيلاء عليه، وتحويل جميع الأنشطة لكيانات تابعة لهم بما فيها البيوت التجارية الكبيرة والتي لا تزال صامدة حتى اليوم".
و رصد الخبير الاقتصادي اليمني وفيق صالح آثار الحرب الحوثية على القطاع الخاص والتي أخذت أشكالا متعددة، مثل الاقتحامات، وتدمير أسس السوق الحر، وصراعات الكيانات الحوثية الاقتصادية.
بالإضافة إلى "الجبايات الباهظة التي تتزايد باستمرار، فضلا عن الاستحواذ والإحلال والسيطرة بالقوة على الممتلكات والأصول للعديد من رجال الأعمال والبيوت التجارية"، وفقا للخبير اليمني.
وقال إن مليشيات الحوثي عملت على "إخضاع البلاد في مسارين، عسكري ومالي، للسيطرة على أكبر قدر ممكن من الكتلة المالية بالعملات المحلية والأجنبية، وإدارة النشاطات الأهم من القطاع الخاص، ليس بغرض تنميته ولكن بهدف الاستحواذ عليه، وتدمير القطاع الخاص الذي كان قائما من قبل".
بدأت مرحلة الاستهداف مبكراً عقب سيطرة المليشيات الحوثية على العاصمة صنعاء، عبر تفعيل شرائح ضريبية مختلفة، وإجبار مئات المؤسسات على دفع ضرائب بأثر رجعي في دفعات متتالية.
ذلك الاستهداف، وفقا للخبير الاقتصادي اليمني وفيق صالح، امتد حتى إلى المناطق الريفية في ظل دورة مالية من اتجاه واحد، أو هي بالأصح نصف دورة، حيث تأخذ اتجاهاً إجبارياً من المواطنين إلى المؤسسات المالية التابعة للمليشيات الحوثية.
كما "انتقلت مليشيات الحوثي عبر خطوات منظمة للسيطرة على هذا القطاع، بدأتها عبر فرض الجبايات والإتاوات المالية، إلى أن وصلت إلى مرحلة الاستحواذ والإحلال، ضمن مساعيها لإعادة تشكيل الاقتصاد الوطني عبر احتكار كافة القطاعات الإنتاجية والتشغيلية في القطاع الخاص".
وأكد صالح أن هذا "التدمير الممنهج لرأس المال الوطني أدى إلى ارتفاع تكاليف السلع المنتجة محلياً عن طريق تراكم الشرائح الضريبية وزيادة أسعار الوقود وخروج سوق الطاقة عن سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا".
كما رفع "تكاليف النقل، وسط تصاعد أزمة نقص معروض العملة الوطنية المتداولة لعدم القدرة على تعويض الفاقد منها لتحل عملات غير وطنية في التعاملات التي تجري داخل الأسواق"، وفقا للخبير الاقتصادي.
ويتألف القطاع الخاص اليمني بغالبيته العظمى من شركات صغيرة أو صغيرة جداً، توفّر لما يقرب من 70% من اليمنيين لعاملين مصادر أرزاقهم، وفقا لتقارير يمنية.
وكانت الحكومة اليمنية حذرت بشكل مبكر من المخطط الذي تنفذه مليشيات الحوثي الإرهابية، لتجريف القطاع الخاص والقضاء على البيوت التجارية، لصالح شركات ومستثمرين تابعين لها، ومساعيها في إحكام سيطرتها على الاقتصاد الوطني، دون اكتراث بالأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة.
ودعت الحكومة اليمنية مؤخرا المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى "اتخاذ خطوات عملية لوقف التدمير الممنهج الذي تمارسه مليشيات الحوثي بحق القطاع الخاص ورأس المال الوطني، الذي استمر في نشاطه التجاري في مناطق سيطرة الانقلاب رغم الظروف الصعبة، والضغط لتحييده عن الصراع".