آخر تحديث :الإثنين-17 نوفمبر 2025-01:32ص

معركة استعادة الدولة والوعي والهوية

الإثنين - 17 نوفمبر 2025 - الساعة 01:24 ص

وحيد الفودعي
بقلم: وحيد الفودعي
- ارشيف الكاتب


في خضم المعركة الرقمية المفتوحة على فضاءات التواصل الاجتماعي تبرز منصة "واعي" كنموذج وطني فريد يقاتل في ميدانٍ لا يقلّ خطورة عن الميدان العسكري، منصة صغيرة الحجم لكنها كبيرة الأثر تخوض حرباً من نوع آخر، حرب مكافحة الدعم الرقمي للإرهاب؛ ما تقوم به “واعي” من ملاحقة حسابات الحوثيين ومناصريهم في فيسبوك وغيرها من المنصات يُعد عملاً عظيمًا بكل المقاييس بغضّ النظر عن الطريقة التي تتم بها عملية الحذف أكانت عبر التبليغ المنسّق أو التعاون مع إدارة فيسبوك أو حتى عبر اختراقٍ تقني يستهدف الحسابات التي تمثل أذرعاً إعلامية لجماعةٍ مصنفة إرهابية داخليًا ودوليًا، فالمهم هو النتيجة المتمثلة في تجفيف منابع الدعاية الإرهابية وتطهير الفضاء الرقمي من خطاب الكراهية والتحريض.


لكن هذا الدور في الأصل يُفترض أن تقوم به الحكومة اليمنية نفسها من خلال فريق رسمي مختصّ بالأمن الرقمي ومكافحة الإرهاب الإلكتروني، فالحكومة تمتلك اليوم كل الأسس القانونية التي تخوّلها مخاطبة شركة Meta (فيسبوك) رسميًا لحذف أي حساب أو صفحة تدعم الحوثي أو تُمجده أو تبرّر جرائمه، استنادًا إلى أن الجماعة مصنفة إرهابية دوليًا ومحليًا، وأن الحساب قد يتبع موظفًا أو مسؤولًا حوثيًا في السلك الوظيفي العام كعضو لجنة أو مستشار أو مدير عام أو إعلامي رسمي، أو لأن الحساب يقدم محتوىً داعمًا للجماعة سواء بشكلٍ مباشر وواضح أو بأساليب مموّهة تستخدم الترميز اللغوي أو الرمزي لتفادي خوارزميات المراقبة.


وهنا يمكن للحكومة أن تبني ملفًا قانونيًا متكاملًا لكل حساب يشمل روابط المنشورات الداعمة وتوثيق هوية صاحب الحساب وانتمائه الوظيفي أو المؤسسي وتحليل وتفسير الرموز والمصطلحات المرمّزة التي يستخدمها للدعاية أو التمجيد، وعبر هذه الحزمة يمكن للحكومة تقديم طلب رسمي قوي ومقنع لـMeta أو غيرها من المنصات يستند إلى سياسة "المنظمات والأفراد الخطرين" التي تُلزم المنصّة بحذف أي محتوى يروّج للإرهاب.


لكن طالما أن هذا الدور لم يُفعّل رسميًا حتى الآن فإن أمام الحكومة خيارين عقلانيين، فإما أن تحتوي منصة "واعي" وتدعمها مؤسسيًا عبر شراكة رسمية تجعلها الذراع التنفيذية للحكومة في المجال الرقمي مع تنظيم عملها ضمن إطار قانوني وحقوقي واضح، أو أن تشكّل فريقًا وطنيًا حكوميًا للأمن السيبراني والإعلام الرقمي يعمل بهدوء وسرّية على تتبّع الحسابات الداعمة للإرهاب وتوثيق الأدلة ورفع الطلبات الرسمية إلى المنصّات العالمية لحذفها.


وفي كل الأحوال يجب أن تبقى المعركة ضد خطاب الحوثي الإرهابي في الفضاء الإلكتروني جزءًا من معركة اليمن الكبرى، معركة استعادة الدولة والوعي والهوية، لأن الوعي هو خط الدفاع الأول في وجه التطرف، ولأن الحرب اليوم لم تعد في الجبهات وحدها بل في العقول والذاكرة والكلمة والصورة، وما تقوم به "واعي" هو الشرارة الأولى لبناء منظومة وطنية لحماية الفضاء اليمني من التلوث الفكري والإرهابي.

من صفحة الكاتب على موقع فيس بوك