في لحظة ما، كنت أتنفس كرة القدم كما يتنفس الإنسان الهواء، كنت حارس مرمى في نادي الميناء وكنت ضمن المرشحين لمنتخب كاس العالم للناشئين في فنلندا عام ٢٠٠٤ ان لم تخني الذاكرة. وكنت احب كرة القدم حد العشق
ثم حدث شيء لم أستطع أن أحدده بدقة، شيء أشبه بانطفاء شمعة في غرفة مزدحمة بالضوء، فلا أحد يلاحظ متى حدث ذلك بالضبط. فجأة لم تعد الكرة تثير في داخلي أي شعور، لا لعبا ولا متابعة، وكأن خيطا خفيا كان يربطني بها انقطع دون صوت.
كنت أشاهد المباريات بعينٍ باردة، لا شيء في الأهداف ولا في الانتصارات يحركني، لا أسماء اللاعبين ولا صخب الجماهير. لم أعد أشعر بشيء تجاه اللعبة التي كانت يوما نبض قلبي. كل ما بقي منها داخلي كان صدى بعيدا، كذكرى من حياة سابقة لا تشبه حياتي الآن.
ومع ذلك، بقي هناك استثناء واحد... رجل اسمه ليونيل ميسي. لم أتابعه كمن يتابع فريقا أو بطولة، بل كمن يتأمل معجزة صغيرة تذكّره بأن الموهبة الخالصة لا تموت. كنت أراه وأدرك أن العالم لا يزال يحتفظ ببعض النقاء، وأن الجمال قادر على أن ينجو رغم كل هذا الضجيج.
كلما لمس ميسي الكرة، شعرت بشيء من الطفولة يعود، ثم يرحل. كأنه يقول لي: ما زال هناك ما يستحق الإعجاب، لكن ليس بالضرورة أن تعود لتعيشه. فالموهبة تبقى مشعة حتى وإن خبت الرغبة في النظر إليها.
وهكذا، بقيت كرة القدم بالنسبة لي مجرد ذكرى عاطفية باهتة، إلا حين يظهر ميسي... حينها فقط أشعر أن تلك الذكرى ما زالت تتنفس بصمت.
اكتب هذا وانا ارى اليوم الشباب يتسابقون على المجالس لمتابعة مباريات كرة القدم ومنهم من لم تلمس قدميه الكرة قط وتذكرت كيف انزويت عنها بكل جوارحي.
من صفحة الكاتب على موقع فيس بوك