في منتصف التسعينات، كانت قطر أول دولة خليجية تُطبِّع مع إسرائيل، إذ استقبل الأمير السابق شمعون بيريز، المؤسس الثاني لدولة إسرائيل، وأهداه سيفًا من ذهب مصنوعًا من سبائك الذهب الخام الأغلى في العالم. وقيل حينها إنه أغلى سيف ذهبي صُنع في العالم. كما أهداه مجموعة من المنقولات النادرة.
كانت قطر قد رسمت للتو مشروعها الخاص الحالم، وبدأت عملياتها في اللعب على كل الحبال والحبائل بعد انقلاب الابن على أبيه، مستلهِمة تجربة قابوس عمان. مع فارق المشروع والغايات، كان المشروع خطرًا منذ البداية وقد يؤدي بقطر الإمارة إلى منحدر زلق، لكن المغامرون ظنوا أنهم قد تحسبوا لكل شيء. كانت قناة الجزيرة أحد ركائز المشروع، لكن ركيزته الأخطر هي الجمع بين المتناقضات. صنعت قطر لأجل مشروعها عداءً وجفاءً مع معظم محيطها، ودعمت الكيانات الموازية للدولة، وسلحت وأنفقت ما لم تنفقه دولة على تلك المشاريع الخرقاء، ظنًا منها أن ذلك سيحل عقدة الجغرافيا وهوس المكانة.
لكن مع تقادم الأيام، ظهرت عورات المشروع وكمائنه، وربما اليوم أكثر مما سبق، وربما ستغير قطر – وغير قطر – استراتيجياتها في الأمن المحلي، ثم الوطني، ثم القومي العربي باتجاه آخر. وربما يتعلم آخرون من أخطاء الماضي والحاضر ويحاولون تمهيد طريق آخر لأمتنا وأمننا ووجودنا، مرتكزه الأساسي مشروع عربي جامع موحد، وليس وحدة عربية، فذلك ضرب من المستحيل. يبدأ بخطوات اقتصادية وأمنية وعسكرية قبل أن تضيع الجغرافيا منا جميعًا ونحن نتغنى بالتاريخ