ما زال الوقت مبكرا على استخلاص الدورس المستفادة من "عودة الريال اليمني" ، فالمعركة لم تحسم بعد ، وكل شيئ مازال على المحك ، وبقدر ما تتنامى المكاسب المتسارعة تزداد مخاطر الانتكاسة .
ومع ذلك فقد وجب التنوية الى ان ما يُحصد اليوم من ثمار اولية ، لم يكن وليد معجزة سياسية مبتور السياق ، بل هو لحظة الذروة ضمن مسار عمل تراكمي انطلق منذ بداية العام ٢٠٢٥. وكالعادة فان المسارات التراكمية لا تُرى بالعين المجردة ، ولاسيما من قبل الراي العام ، في حين تنصب كل الاضواء على لحظة الذروة التي يجري التعامل معها باعتبارها نقطة التأسيس.
وكي لا نتوه كثيرا في تقلبات المعترك القائم ، سيكون مهما ان نعود خطوة الى الوراء كي نستخلص مقومات النجاح التي مكنت الشرعية من استعادة فاعليتها تدريجيا وصولا الى اللحظة الراهنة، وذلك بغية الحفاظ على هذه المقومات وتطوريها خلال المرحلة القادمة ، حتى بصرف النظر عما قد تؤول اليه معركة سعر الصرف من مكاسب ملموسة او انتكاسات محتملة.
و يمكن ايجاز "مقومات الفاعلية" لدى منظومة الشرعية خلال ٢٠٢٥ ، في النقاط التالية:
١- تغيير المنطق الاستراتيجي لدى صانع القرار اليمني ؛ و المراهنة على استثمار الظرف الاقليمي والدولي لاصلاح مكامن الضعف الذاتي في الداخل وتحسين شروط "اليوم الحالي". بدلا من تضييع الوقت بانتظار وعود الحسم العسكري المدعوم دوليا ، و الغرق في مناقشات "اليوم التالي".
٢- سد الشغور القيادي للدولة في العاصمة عدن ؛ من خلال العودة الطويلة و الفاعلة لمجلس القيادة الرئاسي (العليمي ، الزبيدي ، المحرمي) ، والعودة الدائمة للمؤسسات السيادية (الدفاع ، المالية ، الخارجية)، و انتظام عمل مجلس الوزراء بمزيد من التناغم و الفاعلية عقب تعيين سالم بن بريك.
٣- اقرار برنامج عمل واقعي ، يحظى باجماع سياسي ودعم ديبلوماسي ، و يتضمن في صدارته الاصلاحات الاقتصادية و البناء المؤسسي .. و هو ما ساهم في انهاء حالة الارتجال و المراوحة التي اتسمت بها منظومة الشرعية.
٤- تصفية اثار نكسة يوليو ٢٠٢٤ من جراء التراجع القسري عن قرارات البنك المركزي ، واستثمار العقوبات الامريكية بطريقة ذكية وهادئة لنقل مراكز البنوك و تعزيز السيطرة النقدية للمركزي اليمني في عموم البلاد ، و ترسيخ المركز القانوني و المالي و الاقتصادي للدولة في عدن.
٥- التزام سياسة العمل التكاملي بين المؤسسات الرسمية (الرئاسي ، الحكومة، البنك المركزي ) ، و المكونات السياسية ، و المجتمع الدولي ، و القطاع الخاص ، والمجتمع المدني والرأي العام.