ظهر اليوم، تلقيت اتصالًا غريبًا من مواطن يشكو فيه تعرضه لعملية نصب من قِبل مالك "الشقة التي يستأجرها".
يقول المواطن، وهو من أبناء عدن، إنه استأجر شقة قبل ثلاث سنوات من مالك عقار يمتلك عمارة سكنية.
ويؤكد أن المالك كان يسكن في شقة بنفس العمارة، وكان مع بداية كل صيف يسافر إلى "قريته" لقضاء الإجازة هناك.
لكن المفاجأة حدثت قبل أيام، إذ نزل بمفرده دون عائلته، ووصل إلى العمارة وطرق باب الشقة.
فتحت له زوجة الشاكي، فأخبرها بلهجة حادة أنه يريد مقابلة زوجها.
يضيف الشاكي: اتصلت بي زوجتي وأنا في العمل، وأخبرتني بالقصة. على الفور، اتصلت بالمالك، الذي قال إنه يريدني في أمر مهم.
استأذنت من العمل وذهبت إلى العمارة، وهناك وجدت مالك العقار واقفًا يضحك مع حارس العمارة.
والحارس شاب خدوم، اكتسب محبة سكان العمارة جميعًا، بسبب ما يقدمه من خدمات، مثل تعبئة الخزانات، وإصلاح الأنابيب، بل حتى شراء مستلزمات بعض الأسر.
سألت المالك: "خير إن شاء الله، طلبتني؟"
فالتفت نحوي وقال: "المساء نلتقي في الديوان حقي بعد ما ترجع الكهرباء، أما الآن، ساعدني أحمّل البطاريات إلى فوق السيارة، أريد أشحنهم".
يقول الشاكي: أخذت البطاريات واحدة تلو الأخرى بمساعدة الحارس، وفجأة انطلق المالك بسيارته، واستغربت من تصرفه.
سألت الحارس: "خير، ما له الحاج؟"، فلم يرد، ودخل غرفته، ثم عاد واعتذر قائلًا: "زوجتك طلبت أن أوصلها السوق أجيب لها خضار، لكن ما قدرت، سامحوني".
وفي المساء، عادت الكهرباء، وتجمع الجيران أمام شقة المالك منتظرين فتح الباب، وعند فتحه، دخل الجميع وهم يتهامسون متسائلين.
جلس الجميع في الديوان، وبدأ المالك بخطبة عن قريته وأجوائها الجميلة، وقال إن عدن ستكون أجمل في المستقبل القريب.
فضحك أحد الجيران وقال: "كيف؟ في الصيف الجاي با تنزل ثلوج على عدن؟"
فكشر المالك وقال: "دعيتكم اليوم عشان نناقش موضوع العمارة. الحارس قال إنه يحتاج مساعدة في إصلاح بعض أنابيب مياه الشرب. وبعضكم نسي يركب عوامة في الخزان، والمياه دمرت السقف".
وأضاف: "الآن أطلب منكم مبلغ بسيط لإصلاح بعض الحاجات في المبنى، كل واحد وقدرته. لا تنسوا هذه العمارة ملككم، للجميع".
رحب الجميع بالفكرة وبدأوا يدفعون: من دفع خمسين ألف، ومن دفع مئة ألف ريال يمني، وآخر مئة ريال سعودي. امتلأت الطاولة بالنقود.
قال الشاكي: "اكمل يا طويل العمر..."
فأجاب: "صبرك علي... المهم جمع مبلغا محترما كان كافيًا لإصلاح أنابيب المياه والصرف الصحي التي اشتكينا منها كثيرًا".
لكن بعد خمسة أيام، تحديدًا الجمعة الماضية، شاهد أحد الجيران المالك وهو يحزم حقائبه عائدًا إلى قريته.
الصدمة كانت في أن الحارس قد طُرد قبلها بيوم الخميس، وغادر المالك دون أن يخبر أحدًا، وترك السكان يعضون أصابع الندم.
فلا إصلاحات تمت، ولا الحارس بقي ليخدمهم.
وأصبح كل مستأجر يذهب صباحًا إلى السوق لشراء الخضار، ثم ينزل القمامة بنفسه.
قاطعته وسألته: "هل هناك مشكلة أخرى غير طرد الحارس؟"
ضحك وقال: "استغربت إنك ما اعتبرت كل ما حصل مشكلة! لكن فعلاً في مشكلة."
يقول: "استيقظ أحد الجيران صباح السبت، وقد سُرقت منه دينمو المياه، ويوم الأحد الجار الثاني، والاثنين الثالث، وهكذا.
واليوم الخميس، غير السارق استراتيجيته، فسرق دينمتين دفعة واحدة!"
سألته: "كم عدد الدينمات في العمارة؟"
قال: "12 دينمو".
فقلت: "بقي معه خمس دينمات، يمكن يسرقهن صباح الجمعة، فالسارق يبدأ منتظمًا ثم يسرع ليُنهي العملية ويبحث عن ضحية جديدة".
ضحكنا، وكل واحد أغلق هاتفه.
#صالح_أبوعوذل