وسط انتكاسات اليمنيين العالقين ما بين شرعية فاسدة تدير دفة الحكم من الفنادق لا تتحمل مسؤولية أمام شعب يعاني الأزمات المتلاحقة، ومليشيا حوثية سلالية طائفية غاصبة للقصر الجمهوري بانقلابٍ ذمر مقومات الحياة، لا شيء يحضر في وجدان اليمنيين سوى الزعيم علي عبدالله صالح رجل الدولة والتنمية واحترام حقوق الإنسان.
كيف لا وهو من جاء إلى كرسي السلطة عبر الديمقراطية في ظرف عصيب ملغم بالفخاخ وتحديات كادت تعصف بالدولة إلى أتون حرب أهلية وصراع على السلطة في زمن الانقلابات والاغتيالات.
وعلى واقع تقلب الأحوال من حال إلى حال، نستحضر الماضي الجميل ونتذكر ال17 من يوليو 1978 كيوم مشهود بقدر ما أحدث من نقلة نوعية في المسيرة اليمنية التنموية والديمقراطية في ظل دولة أرسى مداميكها الشهيد صالح على مدى أكثر من ثلاثة عقود، حافظ بكل حنكة واقتدار على استقرار اليمن في مرحلة كانت مليئة بالتحديات السياسية الداخلية والخارجية خاصة في ظل شبح الحروب الأهلية والذهاب إلى المجهول.
صعد صالح إلى الرئاسة ومن اليوم الأول تجاوز إرث ما قبل 78م ومضى باليمن واليمنيين صوب المستقبل وحلحلة كل معوقات بناء الدولة الحديثة، وشرع بعد انتخابه رئيسًا من مجلس الشعب التأسيسي إلى إحداث نقلة من الإنجازات على صعيد البنى التحتية في مجالات التعليم والصحة والطرق وبناء الجيش الوطني.
وعلى المستوى الخارجي، حرص على تعزيز العلاقات مع الدول العربية والدول الكبرى، وانتهج سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وناصر القضية الفلسطينية في كافة المحافل وناضل من أجل تقرير المصير للشعب الفلسطيني على أرضهم المغتصبة وعاصمتها القدس.
في مثل هذا اليوم، عرف اليمنيون التداول السلمي للسلطة وأصبح المواطن شريكًا أساسيًا بصنع التحول الديمقراطي حينما توجه إلى صناديق الاقتراع لاختيار من يمثله في البرلمان والمجالس المحلية وصولًا إلى انتخاب رئيس الجمهورية.
حقق الوحدة اليمنية حلم اليمنيين ومناضلي ثورتي سبتمبر وأكتوبر، وشرع بعد توحيد الأرض الممزقة ما بين شطرين شمالي وجنوبي في تعديل القوانين عبر برلمان منتخب كان من نتائجها توسيع المشاركة الشعبية في الحياة السياسية، وعرفت اليمن ولأول مرة تعدد الأحزاب والصحافة الحرة لسان حال الشعب صاحب السلطة.
اليوم، حينما غابت الديمقراطية، تسلل لصوص طامحون بالسلطة إلى كرسي السلطة عبر المدفع والدبابة، وقادوا النظام الجمهوري إلى الهاوية، ولم يعد المواطن هو من يختار من يحكمه، أصبح محكومًا من قبل عصابات ومليشيا أعادت الوطن إلى الديكتاتورية والاستبداد والحكم السلالي المقيت.
لهذا يتذكر اليمنيون ال17 من يوليو يوم تولي الشهيد علي عبدالله صالح الحكم عبر الانتخابات، باعتبارها مرحلة مفصلية عرفت فيها اليمن الأمن والاستقرار وبناء الدولة الحديثة التي شرعت على مدى 33 عامًا بمسيرة النهوض التنموي وإحداث نقلة فريدة على كافة المستويات السياسية والاجتماعية.
يتذكرون زعيمهم كرمز للوطنية والوفاء، حفاظًا على استقرار البلاد في فترات صعبة، واستشهد وهو يدافع عن الجمهورية من الإمامیون الجدد، وأعلنها ثورة في وجه كل غاصب. ويبقى السؤال: هل عرفت اليمن قائدًا مخلصًا للوطن وبحنكة الزعيم؟ الجواب، ونحن نعيش الفوضى وانهيار الدولة وتقسيم أوصالها، "لا".
اليوم، أدرك الجميع مدى حكمة ووفاء هذا الرئيس لشعبه ووطنه كرمز تاريخي لليمن، رئيسًا أحب تراب وطنه وأبى أن يغادرها إلا شهيدًا مدافعًا عن مكتسباته الوطنية والنظام الجمهوري.
اليوم، يترحم على الشهيد صالح من أحبه ومن كان على خلاف معه، الكل مجمع أن الخسارة فادحة لا يمكن تعويضها.