خرج أحد من يٌطلق عليهم بـ "المثقفين" ينعت غير المتعاطفين مع دولة الملالي، ويقدح في حق غير المتضامنين مع ما يحدث لولاية الفقيه بـوصفهم بـ "المتنطعون، والعجزة، وبأنهم لا يرون أبعد من أقدامهم"، وحاول جاهدًا أن يقوم بعملية ربط غير منطقية بين ما حدث من نزاع بين الأطراف اليمنية في الساحة الوطنية واستغلالها من قبل الكهنوتية السلالية، وبين ما يحدث اليوم من صراع بين عدوين لدودين للأمة، أحداهما عدو تاريخي مدمر للأرض اليمنية منذ قرون طويلة عبر أذرعه من بقايا الدخلاء والغرباء والشظايا، والأخرى كيان دخيل غاصب مدمر للأمة العربية، وكليهما أسوأ من الآخر!.
التمس لهم العذر إيه المثقف، فقد ثارت دماء أولئك الذين وصفتهم بـ "المتنطعين" عندما رأوا بأن بقايا الباذانيين والرّسيين يعتدون على حرمة منزل أحد أبناء عمومتهم الكهلاني الهمداني البكيلي، ويقتلعون بوابة منزلة في منتصف الليل!. التمس لهم العذر إيه المثقف، فقد أُصيب من وصفتهم بـ "العجزة" بالشلل التام، وهم يسمعون التشويه الممنهج من قبل بقايا الغرباء بحق أحد أبناء جلدتهم بواسطة نعته بأقذع الأوصاف والسخرية منه وتوصيفه بـ "فستان أم كلثوم"!. التمس لهم العذر إيه المثقف، فقد أثخنت أوجاع من وصفتهم بـأنهم "لا يرون أبعد من أقدامهم"، وهم يرون بأن بنت "الخولاني" ونساء اليمن يُعتقلن مع أطفالهن في سجون مليشيا الملالي!. التمس لهم العذر إيه المثقف، فـ ذواكر أولئك الذين يقولون "اللهم أهلك الظالمين بالظالمين" ليست مثقوبة، وأوجاع جراحهم لم تبرأ بعد، ولم تغيب عن مخيلتهم مئات الآلاف الضحايا من أبناء اليمن، ومئات الآلاف الجرحى من أبناء جلدتهم، وملايين المهجرين والمشردين داخليًا وخارجيًا من أحفاد سبأ وحِميّر، وملايين من تم تجويعهم وتجهيلهم وتضليلهم بشكل ممنهج، وتدمير مهول لكل مقدرات الشعب اليمني!. وبالتالي، إن كانت "النظرة الاستراتيجية والفهم التاريخي" يتطلب نسيان كل ذلك (كما يقول المثقف)، فلتذهب كلتا المفرديتن مع نظرة إحداهما وفهم الآخر، والمتشدق بهما، إلى الجحيم!.
إلى ذلك "المثقف"، من وصفتهم بـ "العجزة" هم يمنيين بسطاء للغاية من أحفاد سبأ وحِميّر، ولم يكن آبائهم يتلقون الدعم من الملكيين والإماميين في المساء ويستلمون الأموال من المصريين في الصباح، ولم يتلقوا تعليمهم الابتدائي والإعدادي في مصر، ولا يوجد معهم أقرباء في أجهزة الدولة العليا ممن ساهموا في تسليم مؤسسات الدولة للميليشيات الكهنوتية السلالية، وليس لديهم فلل باذخة وممتلكات وتحف تراثية (انتيكات) في أركان منازلهم بصنعاء، وبعضهم لا يجد قوت يومه، وبلحظة فارقة وجدوا أنفسهم مُشردين مُهجرين من أرضهم، ووجدوا أنفسهم عراة بلا سلاح ولا ذخيرة ولا مؤسسات بشقيها العسكري والأمني لكي تحميهم، ووجدوا أنفسهم أمام جماعة كهنوتية سلالية وأتباع قذرين من العكفوية يمسكون بكافة مقدرات الدولة العسكرية والأمنية والمؤسساتية، ومع كل ذلك؛ إلا أن أولئك البسطاء دافعوا عن كرامتهم وعزتهم باستماتة وعنفوان وآنفة، ولم يسمحوا بأن تهتك حرمة أرضهم أو أن تُقتلع أبواب منازلهم، بل أن بعضهم نسف منزله بيديه حتى لا تدنسه تلك العصابة الإجرامية النجسة!.
إلى ذلك "المثقف"، الأمة اليمنية السبئية الحِميّرية اليوم، لا يهمها من رد زحف المغول، ولا قائد مماليك مصر "قطز"، ويريدون أن يخرجوا من بوتقة ما أشار إليه المثقف بأن "تركيا وإيران وغيرهما يتوزعوا معظم تاريخه منذ مئات السنيين"، وجادين بأن يكون لهم مشروعهم القومي، ودولتهم الوطنية اليمنية، وأن يكون أبناء الأرض هم من يحكموا أنفسهم ويديروا ثروتهم، بعيدًا عن الأيدلوجيات التي توزعت معظم تاريخ أرض اليمن، واستولت على السلطة ونهبت الثروة تحت مظلة تلك الأيديولوجيات؛ علمًا بأن الكهنوتية السلالية ليست من صناعة أحفاد سبأ وحِميّر كما ذكر "المثقف"، بل في كنف وحماية الأدوات التاريخية العكفوية المُهجّنة القذرة الذين يعرفها ونعرفها جميعًا!.
ختامًا، البديهة المنطقية والحنكة السياسية توجب بأن تكون الأمة حذرة من العدوين التاريخيين للأمة، وأن تدفع بإتجاه هلاك كليهما، لا أن تتعاطف وتتضامن مع إحداهما، وإن كان هناك من تعاطف وتضامن مع ما يحدث اليوم، فيجب أن يطلق عليه بـ "بساط الريح العكسي"، وهو إعادة اليمنيين الحِميّريين الذين تم تهجيرهم وإخراجهم من أراضيهم وإعادتهم إلى موطنهم الأصلي، وإخراج بقايا الشظايا والدخلاء والغرباء من أحفاد الباذانيين والرّسيين والمهجنيين ممن "تحن دمائهم" إلى موطنهم الأصلي للدفاع عنه!.