يهدف "التوجيه السياسي" إلى التواصل الفعّال مع أبناء الشعب عبر إيصال رسائل محددة لمساندة ودعم القضايا القومية العليا فكريًا وسياسيًا ومعنويًا، وتعزيز ارتباط الأمة بقيادة الدولة ومؤسساتها، وتعبئة المجتمع وحشد الطاقات والجهود الداخلية والإسناد الخارجي؛ لضمان تحقيق القرار السياسي المرجو. أما "التوجيه المعنوي العسكري" فإنه يرمي إلى تعزيز مشاعر الولاء والإنتماء ورفع المعنويات بين أفراد القوات المسلحة بما يمكنهم من تنفيذ مهامهم وواجباتهم الوطنية بكفاءة عالية. كما يٌعد "التوجيه الدبلوماسي" أداة فاعلة لمد جسور التواصل مع الدول الأخرى بغرض إيصال رسائل سياسية مكثفة مرتبطة بالمصالح القومية العليا والمشتركة بواسطة إجاعة اللفظ وإشباع المعنى.
ولكن "التوجيه المعنوي العكسي" يمثل نقيض كلّما سبق، حيث تعدّ أداة فاعلة لتمييع القضايا الوطنية، ووسيلة هدّامة لتشتيت وبعثرة الجهود، وطريقة لتنفير الشعب عن قيادته، ومنهجية لبث الفرقة وفقدان الأمل، وأسلوب لتثبيط المعنويات، ونمط لإيصال رسائل ضارة بالمصالح القومية العليا!.
خلال شهر واحد فقط، خرجت ثلاثة قيادات محسوبة على كل من القيادة السياسية، والمقاومة الوطنية، والمؤسسة الدبلوماسية؛ فأسقطوا "التوجيه السياسي" في وحل الهوان والرضوخ والضعف، وحولوا "التوجيه المعنوي العسكري" إلى إدارة أشغال لشق الطرقات ووحدة للتشجير وافتتاح الآبار، وجعلوا "التوجيه الدبلوماسي" كـ أداة لمحو مسرح الجريمة وتبييض صورة المجرم في الساحة الدولية!.
حيث أصبحت رسائل "التوجيه السياسي" ترتكز على الخوف من تهديد العصابة الميليشياوية وتلبي مطالبها وتنصاع لرغباتها، بينما هبت رياح "التوجيه المعنوي العسكري" باتجاه تقلبات الطقس الدولي وارتفاع منسوب الاحتباس الإقليمي والترويج لعجز القوى العظمى أمام الشرذمة الكهنوتية المفتعلة، بينما تضمن "التوجيه الدبلوماسي" رسالة ملغومة مفادها بأن تحرير الأرض اليمنية من الكهنوتية السلالية قد يترك فراغًا يصعب ملؤه!.
واقعيًا، أن كان هناك من إنجاز مرتبط بالتوجيه المعنوي يمكن أن يُذكر لتلك القيادات، فأنه يتمثل بالتوجيه المعنوي العكسي، والتنافس على شراء الأقلام المأجورة، وكسب ود المشاهير، وتجميع الذباب المعنوي؛ وذلك لتلميع كلماتهم الهابطة ذات الصلة بالتوجيه السياسي، وتزيين رسائلهم المثبطة المرتبطة بالتوجيه المعنوي العسكري، وزخرفة مدلولات تعبيراتهم المشبعة بحشو اللفظ والفاقدة للمعنى والبعيدة عن لياقة الدبلوماسية!. ومعنويًا، لم تعدّ عصابة الكهنوتية السلالية الإجرامية بحاجة إلى جهود حثيثة بحربها الإعلامية التضليلية الشعواء، فهناك من يقدم لها خدمات ويقوم بالدور على أكمل وجه!.
ختامًا، من البديهيات أن الثلة الفاسدة الهزيلة الخانعة التي فشلت لعقود في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والمحاطة بالكهنوتية السلالية، يُحال عليها أن تنجح في الجوانب المعنوية!. وأيضًا، من ظل طويلاً ينتقد الفساد ليس لمحاربته ولكن بهدف الانضمام إلى منظومته، فإنه لن يُجيع إلا المعنويات (لا اللفظ) ولن يُشبع إلا الذات (لا المعنى)!. وكذلك، من كانت مؤسسات الدولة تحت يديه لعقود متعددة، ولم يحفر الآبار ويُعبد الطرقات ويُشجرالأرصفة في المناطق المهملة بالأمس القريب، فإن مخرج الطوارئ الوحيد له سيكون بواسطة التعبير عن عجز القوى العظمى وتقلبات الطقس الدولية وارتفاع منسوب الاحتباس الإقليمي!.
ونختم القول بأن التوجيه المعنوي الحقيقي يحتاج إلى أبطال أحرار مؤمنين بالقضية، ومتواجدين على الأرض في مقدمة الصفوف؛ بحيث تكون رسائلهم الصادقة نابعة عن قناعة عميقة داخلية وتُجسد مواقف مفرداتها في ساحات الوغى، وتكشر أنياب دلالات معانيها لاقتلاع الكهنوتية السلالية من جذورها!.