في مدينة تعز، حيث يكتنفها الغموض والفقر، يبدو أن المواطن المسكين أصبح مجرد دمية تحركها خيوط تجار الحروب. تتلاعب هذه الأطراف بمصير الناس، تاركةً إياهم في دوامة من المعاناة، حيث أصبحت قطرة الماء والغذاء بعيدة المنال.
يتساءل المواطنون: من يحرك هذه الدمى؟ وأي جهة تتحكم بمصيرهم؟، و في زمن يكتنفه الغموض والمغالطات، تظل الإجابة مفقودة.
تتجسد معاناة الناس في كل زاوية من زوايا الحياة اليومية. فما إن يحاول المواطن البحث عن ضماد لجراح الحرب، حتى تصطدم أحلامه بعائق اقتصادي يزداد سوءًا. فالريال اليمني يترنح، يسقط في بئر عميقة، وكلما اقترحنا حلولًا، نجد أن الوضع يزداد تعقيدًا. تتهاوى أحلام البسطاء مع كل انهيار اقتصادي، ويصبح الفقر والجوع هما السائدين.
في خضم هذه المعاناة، بدأت أصوات النساء تتعالى، من عدن إلى أبين، وصولًا إلى تعز. هؤلاء النساء، اللواتي يحملن معاناتهن على أكتافهن، يعبرن عن مطالب مشروعة تتعلق بالماء والكهرباء والتعليم والصحة. وعلى الرغم من وجود برامج لدعم البسطاء، نجد أن هذه المساعدات تُباع في السوق، مما يثير تساؤلات حول الرقابة والضمير الحي.
وفي مشهد مؤلم، نرى طلابًا يتجولون في مراكز الامتحانات، محاطين بالغش، بينما يتساهل البعض مع هذا الفساد. كيف لنا أن نأمل في مستقبل أفضل عندما يُحتقر التعليم، ويُترك الجهل ليزدهر مرة أخرى؟
أما بالنسبة للماء، فالصورة لا تختلف كثيرًا. طالبات يحملن دبات الماء بدلاً من الكتب المدرسية، يواجهن صعوبات يومية للحصول على ما هو أساسي. كيف يمكن لامرأة أن تتحمل عبء الماء بينما يُفترض أن يكون زوجها هو من يسعى لتوفير احتياجاتها؟.
وفيما يتعلق بالكهرباء، فهي تعاني من نفس المأساة. المواطنون يتحملون تكاليف كهرباء مرتفعة، بينما تُستخدم موارد الحكومة بشكل غير عادل.
نحتاج في تعز إلى عودة الضمير الحي، وإلى رقابة حقيقية لمكافحة الفساد، لا إلى ابتزاز أو استغلال. إن تحقيق احتياجات المواطنين لا يتطلب عصا سحرية، بل إرادة حقيقية للتغيير. يجب على الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم، وأن يعملوا معًا من أجل مستقبل أفضل.