آخر تحديث :الجمعة-16 مايو 2025-02:29ص

المليشيا: سلطةٌ لتقاتل لا لتحكم.. حربهم لا تنتهي

الجمعة - 16 مايو 2025 - الساعة 02:29 ص

حسين الوادعي
بقلم: حسين الوادعي
- ارشيف الكاتب


حركات مثل الحوثية وحماس والهيئة وبقية الميليشيات الجهادية التي صارت سلطات أمر واقع هي ظواهر جديدة لا ينفع في فهمها الأطر القديمة (ثورة، انقلاب، ديكتاتورية… إلخ).


هي حتى غيرت طبيعة الحرب. فالحرب التقليدية لها هدف (النصر أو الردع أو الضغط). لكن حروب الميليشيات الطائفية لا هدف لها إلا الحرب ذاتها. الحرب ليست وسيلة فقط، هي غاية بحد ذاتها. وهي لا تقاتل لتسيطر على السلطة، بل تسيطر على السلطة لتقاتل.


غيرت الميليشيات الطائفية طبيعة الحرب. الارتفاع الكبير في الضحايا المدنيين كان دائمًا علامة هزيمة ودافعًا للاستسلام، لكنه عند ميليشيا الجهاد الطائفي يتحول إلى رصيد وإلى ذخيرة.

أهم شروط الحرب ألا يكون الثمن والدمار الذي ستسببه أعلى من الهدف المراد تحقيقه، لكن حروب الطائفيين لا ثمن لها ولا شيء يوقفها حتى لو مات الجميع وسُويت آخر طوبة بالأرض.


حماية المدنيين لم تعد مسؤوليتها. على العكس، الاستراتيجية الرئيسية لها هي الاحتماء بالمدنيين والتضحية بهم والتفاخر بارتفاع عدد القتلى.


نعم، غيرت طبيعة الحرب، وانتهكت أقدس شيء: الحياة.

كما انها عيرت طبيعة الدولة فهي لا تعمل من خلال الدولة حتى عندما تسيطر على مؤسساتها، وترى في اندماجها بالدولة خطرا عليها،

فتعزل نفسها عنها وتكون مؤسساتها السرية الخاصة وجيشها الميليشياوي الطائفي ونظامها المالي الخفي.تظل الدولة عدوتها حتى وهي تسيطر عليها!

ولهذا، فإن التعامل مع هذه الحركات يتطلب فهمًا جديدًا يتجاوز المفاهيم السياسية التقليدية، ورؤية استراتيجية تعي أن هذه الجماعات لا تتصرف كأنظمة، بل ككيانات مغلقة ترى الدولة وسيلة لا غاية، والحرب حالة دائمة لا استثناء.