استقالة الدكتور بن مبارك من رئاسة الحكومة تضع مشكلة حقيقية تتمثل في كيفية التعامل معها. هناك بعدان محتملان هما في جوهرهما مشكلة صغرى ومشكلة كبرى.
أولًا: المشكلة الصغرى
تنطوي المشكلة الصغرى على وجهين.
الوجه الأول: عدم قبول الاستقالة،
ما يعني أنه سيُطلب من بن مبارك مواصلة مهامه رغم كل العثرات. ان قبل فهذا يعني تراجعه عن مبرراته استقالته. وقد يمتنع عن مزاولة عمله، وفي هذه الحالة سيُكلَّف نائب رئيس الوزراء بمهامه مؤقتًا إلى حين إقالته رسمياً وتعيين رئيس وزراء جديد، دون الحاجة إلى إسقاط الحكومة بالكامل.
الوجه الثاني: إصدار قرار الإقالة بتاريخ يسبق قرار الاستقالة ولو بفارق زمني بسيط، وهو خيار يحاول معالجة الحرج من الناحية الشكلية.
لكن، تظل المشكلة قائمة؛ الظرف لا يسمح باستمرار الحكومة بصيغتها الحالية، في ظل تراكم التحديات والانقسامات.
ويُطرح هنا سؤال جوهري: هل تعطل الحكومة سببه شخصي، أم نتيجة سلسلة من الديناميكيات والانقسامات السياسية المتراكمة؟
هل خروج بن مبارك فقط كفيل بمعالجة هذا الاختلال والانهيار الكبير؟
ثانيًا: المشكلة الكبرى
تكمن في قبول الاستقالة وتكليف الحكومة بتصريف الأعمال وفقًا للدستور حتى تشكيل حكومة جديدة. وهنا نجد وجهين محتملين أيضًا:
الوجه الأول: أن نصبح امام حقيقة ان حكومة تصريف الأعمال أضعف من الحكومة الأصلية، العاجزة أصلًا.
علما أن المرحلة الحالية تتطلب قرارات حاسمة وعملًا بوتيرة عالية لتجاوز المخاطر، خصوصًا في ظل معركة عسكرية وشيكة.
حكومة التصنيف لا تستطيع فعل ذلك بقيود قانونية ودستورية. ناهيكم عن انقساماتها واعتيادها على الخمول وعدم النهوض لمواجهة التحديات.
سقوط الحكومة يعني ان يتشجع الشارع للتحرك والمطالبة وستكون الحكومة امام ضغوطات غير اعتيادية.
الوجه الثاني:ضرورة تشكيل حكومة جديدة، وهو ما يعني إعادة التوازن في الحكومة. تعطل الحكومة كان بسبب غياب التوازن وهيمنة طرف داخل الحكومة.
التسيس المفرط للحكومة يشل حركتها. واي حكومة قادمة يجب ان تكون اقل تسييسا.
مع هذا يجب تعيين حكومة جديدا مع الأخذ بعين الاعتبار القوى السياسية الصاعدة، وخصوصًا في الجنوب، وضمان تمثيل لطارق صالح.
هذا الوضع قد يُفقد المجلس الانتقالي بعض ما يعتبره مكاسب. قد يقبل الانتقالي على نحو سحري بذلك، مما سيؤدي إلى سلاسة في الانتقال وبناء الحكومة. أما في حال رفضه وهذا الوارد، فقد تدخل البلاد في فراغ سياسي أوسع.
بين المشكلة الصغرى والمشكلة الكبرى، في جميع الاحوال، ينبغي على الحكومة اليمنية – أي "الشرعية" – أن تحافظ على الحد الأدنى من الالتزام بالإجراءات الشكلية في تشكيل الحكومة. وذلك لضمان الحفاظ على مركزها القانوني، وتفادي الانزلاق إلى حالة شبيهة بالجماعة الحوثية في فقدانها للشرعية.
د. مصطفى ناجي
من صفحة الكاتب على موقع فيس بوك