حذّر محللون سياسيون يمنيون من تداعيات القرارات الأخيرة الصادرة عن رئاسة مجلس القيادة الرئاسي، معتبرين أنها جاءت في توقيت بالغ الحساسية تمر به البلاد، وقد تؤدي إلى تصدّع داخل معسكر الشرعية وتمنح مليشيات الحوثي مكاسب مباشرة على المستويين السياسي والعسكري.
ويرى محللون أن المرحلة الراهنة تتطلب أعلى درجات التوافق السياسي والعسكري لمواجهة الحوثيين، مؤكدين أن أي خطوات تُتخذ خارج إطار الشراكة والتوافق داخل مجلس القيادة ستنعكس سلبًا على جهود إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة.
وكان أربعة من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي قد أصدروا بيانًا مشتركًا رفضوا فيه ما وصفوه بـالقرارات الانفرادية، والتي شملت إعلان حالة الطوارئ، وإطلاق توصيفات سياسية وأمنية خطيرة، والادعاء بإخراج دولة الإمارات العربية المتحدة من التحالف العربي ومن الأراضي اليمنية، مؤكدين أن هذه الخطوات لا تخدم سوى أعداء اليمن ، وتمثل إساءة لشراكة إقليمية ثبتت بالدم لا بالشعارات .
وفي هذا السياق، قال عمر باجردانة، رئيس مركز المعرفة للدراسات والأبحاث الاستراتيجية في المكلا، إن الخطوة التي أقدم عليها رئيس مجلس القيادة تمثل تحولًا محوريًا خطيرًا في مسار الأزمة اليمنية، خصوصًا فيما يتعلق بالجنوب وحضرموت.
وأوضح باجردانة، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن هذه التحركات تصب في مصلحة مليشيات الحوثي وحزب الإصلاح (فرع تنظيم الإخوان في اليمن)، عبر تحويل بوصلة الصراع من مواجهة الحوثيين وتحرير صنعاء إلى فتح جبهات صدام جديدة ضد القوى الجنوبية.
وأضاف أن ما يجري يمثل نصرًا سياسيًا ومعنويًا للحوثيين وتنظيم الإخوان، محذرًا من تنسيق متزايد بين الحوثيين وجماعات متطرفة، من شأنه إعادة توجيه الجهد العسكري نحو المحافظات الجنوبية بدلًا من مواجهة الانقلاب.
وأشار باجردانة إلى أن هذه القرارات تُعد مخالفة صريحة لآليات نقل السلطة التي تأسس بموجبها مجلس القيادة الرئاسي، لافتًا إلى أن إعلان أربعة أعضاء رفضهم لتلك القرارات يقوّض الأساس الدستوري والقانوني الذي قام عليه المجلس.
من جانبه، أكد الكاتب والمحلل السياسي سيلان حنش العولقي أن قرارات الرئاسي تصب مباشرة في مصلحة الحوثيين، الذين سيستغلون الصراع الداخلي لتوظيفه لصالح مشاريعهم التدميرية، محذرًا من أن ذلك قد يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار وتهديد الملاحة الدولية.
وأشار العولقي، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إلى أن استمرار هذا النهج قد يحول اليمن إلى ساحة مفتوحة للتدخلات الإقليمية والدولية، ويمنح التنظيمات الإرهابية فرصة لإعادة التمدد واستهداف القوات التي واجهت الإرهاب خلال السنوات الماضية.
بدوره، قال الخبير والمحلل السياسي صالح علي الدويل باراس إن العالم يتجه نحو حلول دبلوماسية للأزمة اليمنية، في حين يراهن رئيس مجلس القيادة على خيار الحروب، وهي استراتيجية أثبتت فشلها خلال عشرة أعوام من الصراع.
وأوضح أن هذه المقاربة لم تحقق نصرًا حاسمًا في الشمال، مؤكدًا أن النجاحات التي تحققت ضد الحوثيين في الجنوب جاءت نتيجة التفاف الجنوبيين حول قضيتهم، وليس عبر قرارات مركزية أحادية.
ويجمع محللون على أن الاستمرار في اتخاذ قرارات خارج إطار التوافق داخل مجلس القيادة الرئاسي من شأنه إضعاف الجبهة المناهضة للحوثيين، وإطالة أمد الأزمة اليمنية، في وقت يحتاج فيه اليمن إلى رؤية موحدة تركز على استعادة الدولة وتجنب صراعات جانبية تخدم خصومها.