في قلب زمن كان من المفترض أن يكون مخصّصًا للتعلم واللعب والبحث عن مستقبل مشرق، وجد آلاف الطلاب أنفسهم أمام واقع مقلق، إذ باتت أسلحة القنص وبرامج التدريب العسكري تفرض عليهم داخل فصول الدراسة. ويثير هذا التطور الجديد مخاوف واسعة بين أولياء الأمور والمجتمع المدني من استغلال مليشيا الحوثي لأبنائهم واستنزاف طفولتهم في برامج عسكرية تُعدّهم للقتال، بدلًا من تمكينهم بالعلم والمعرفة.
وقالت مصادر مطلعة إن مليشيا الحوثي بدأت منذ نحو أسبوع تنفيذ دورات تدريبية عسكرية داخل عدد من المدارس في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، في خطوة تُعد امتدادًا لمساعيها المستمرة لتجنيد الأطفال والزج بهم في العمليات القتالية والنزاع المستمر منذ سنوات.
وتستهدف البرامج التدريبية، وفق المصادر، طلاب الصف السادس الأساسي حتى الصف الثالث الثانوي، وتشمل تدريبات على استخدام أسلحة القنص كجزء من مهارات قتالية تُلقّن لهم على حساب ساعات الدراسة الرسمية. وأضافت المصادر أن حضور هذه الدورات إلزامي، وأن الطلاب الذين يُظهرون ممانعة أو رفضًا يُواجهون عقوبات قاسية قد تصل إلى فصلهم عن الدراسة أو معاقبتهم إداريًا.
وأثارت هذه الإجراءات موجة واسعة من القلق بين الأهالي، الذين وصفوا ما يحدث بأنه تعدٍّ صارخ على حقوق أبنائهم في التعليم والحياة الآمنة. وقال والد أحد الطلاب، طالبًا عدم نشر اسمه، إن أسرته تشعر بـ"الرعب مما يحدث داخل المدارس، إذ لا يُمكن تصوّر أن يتعلم طفلٌ في عمر 15 سنة كيفية استخدام بندقية قنص بدل المناهج التعليمية الأساسية".
وتأتي هذه الخطوة بعد موجة من الدورات الطائفية والتعبوية التي نظّمتها الميليشيا داخل المدارس في الفترة الماضية، تحت لافتة “نصرة غزة”، حيث استُغل الخطاب الديني والقضية الفلسطينية لخدمة أجندات سياسية وعسكرية مرتبطة بمشروع الميليشيا المدعوم من إيران في المنطقة.
وتقول منظمات حقوقية ومبادرات مجتمعية إن تجنيد الأطفال والزج بهم في برامج تدريب عسكري يمثل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الطفل، بما فيها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل وبروتوكولها الاختياري الخاص بتجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة، اللذين يحظران إشراك القُصّر أو تدريبهم على الأعمال القتالية.