آخر تحديث :الجمعة-26 ديسمبر 2025-02:00ص
اخبار وتقارير

بصمة ناعمة في اقتصاد الحرب.. "سوق الوومن" كرامة وتمكين تحت سقف واحد

بصمة ناعمة في اقتصاد الحرب.. "سوق الوومن" كرامة وتمكين تحت سقف واحد
الجمعة - 26 ديسمبر 2025 - 01:14 ص بتوقيت عدن
- نافذة اليمن - عدن

في قلب المعاناة التي خلفتها الحرب الحوثية على اليمنيين، والتي نالت من أحلام النساء وضيقت سبل عيشهن، برزت المرأة اليمنية كقوة اقتصادية صلبة لا تنكسر، حيث لم تستسلم اليمنيات لواقع العوز، بل اقتحمن ميادين العمل والحرف اليدوية والمشاريع الصغيرة لمواجهة قسوة الظروف وإعالة أسرهم.

غير أن هذه الجهود النسوية كانت تفتقر إلى التنظيم والبيئة الآمنة، إذ ظلت الشوارع والأرصفة والتجمعات العامة هي الملاذ الوحيد لعرض منتجاتهن، مما عرضهن لمضايقات وظروف عمل غير مستقرة.

و من هذا الاحتياج الحقيقي، ولدت فكرة ريادية في العاصمة عدن بادر إليها ناشطون ومختصون في العمل الإنساني، تهدف إلى حشد هذه الطاقات في منصة موحدة تضمن استدامة مشاريعهن وتحفظ كرامتهن، وهو ما تجسد فعلياً في "سوق الوومن" بمديرية صيرة، الذي بات اليوم أول حاضنة منظمة لرائدات الأعمال والمكافحات من ذوي الدخل المحدود في المحافظة.

وتؤكد شفاء سعيد باحميش، منسقة السوق بمؤسسة "بديل" للتنمية ونائبة رئيس لجنة الوساطة المجتمعية في صيرة، أن المشروع انبثق من صلب الواقع المرير الذي كانت تعيشه البائعات الجائلات في المستشفيات وأزقة منطقة كريتر، حيث كنّ يفتقدن للمساحات العادلة والآمنة لممارسة نشاطهن التجاري.

بدأت الفكرة كمبادرة مناصرة لتعزيز حق المرأة في الوصول إلى الفرص الاقتصادية والمشاركة في صنع القرار، وتحولت بفضل التنسيق مع السلطة المحلية إلى واقع ملموس يهدف إلى تحويل الدخل الهش للنساء المعيلات إلى مصدر رزق مستدام ومستقر.

إن "سوق الوومن" لا يقدم مجرد "أكشاك" مجهزة، بل يمثل استجابة إنسانية واقتصادية توفر الحماية للنساء من العشوائية والملاحقات اليومية، وتمنحهن بيئة عمل تحفظ خصوصيتهن وتقلل من المخاطر التي قد يواجهنها في الأسواق المفتوحة، مع التركيز على تأهيلهن وتدريبهن في مجالات ريادة الأعمال وبناء القدرات، وتطوير أساليب العرض والتسويق لضمان نمو مشاريعهن وتنافسيتها.

هذا النموذج الطموح الذي يسعى لتعزيز دور المرأة كشريك فاعل في التنمية الاجتماعية، يطمح القائمون عليه لأن يكون نقطة انطلاق وتجربة قابلة للتعميم في مختلف مديريات عدن، ليصبح منصة وطنية مستدامة تدعم المشاريع النسوية الصغيرة.

وترى باحميش أن استمرارية هذا الصرح الاقتصادي النسوي تعتمد بشكل أساسي على جدية المستفيدات في تطوير أدواتهن وتسويق أنفسهن، جنباً إلى جنب مع استمرار الشراكة مع الجهات الداعمة وإشراف السلطات المحلية، لضمان بقاء "سوق الوومن" نافذة أمل حقيقية تمنح المرأة اليمنية حقها في العيش الكريم وتدفع بعجلة الاقتصاد المحلي نحو الأمام رغم تحديات الحرب الراهنة.