فجّر مقطع فيديو نشرته الناشطة الحقوقية إشراق المقطري موجة من الغضب والتعاطف الشعبي، بعد أن كشف عن مشاهد صادمة لمواطنين في مديرية كُشر بمحافظة حجة، وهم يركضون بلهفة خلف "صهريج مياه" تبرع به أحد المحسنين.
هذه اللقطات التي تم توثيقها يوم الثلاثاء 23 ديسمبر 2025، لم تكن مجرد زحام عابر، بل صرخة استغاثة تعكس الموت البطيء الذي يواجه آلاف الأطفال والنساء في مناطق "حجور" المنكوبة بمليشيا الحوثي، والتي تعيش عزلة خانقة منذ سقوطها بيد المليشيا عام 2019.
وتشير التقارير الميدانية إلى أن المأساة في كُشر تجاوزت حدود الفقر التقليدي؛ فبعد أن أغلقت المليشيا منفذ "حرض" البري الذي كان يمثل الشريان الاقتصادي الوحيد للمنطقة وقطعت الرواتب والخدمات، لجأت مؤخراً إلى فرض إتاوات وجبايات باهظة على أصحاب الآبار المحلية.
هذا الإجراء التعسفي تسبب في رفع أسعار المياه إلى مستويات جنونية، ما جعل الوصول إلى "قطرة ماء" بعيد المنال للأسر التي لا تملك ثمن الوقود أو كلفة الشراء، ليجد السكان أنفسهم في صراع يومي من أجل البقاء في ظل غياب تام للمنظمات الإغاثية.
ويرى مراقبون أن ما يحدث في مديرية كُشر هو "سياسة عقاب جماعي" ممنهجة، حيث تم تحويل أبسط مقومات الحياة الإنسانية إلى وسيلة للضغط والتركيع.
ومع استمرار انقطاع التعليم وسبل العيش، تظل هذه المشاهد المسربة من خلف جدران الحصار الحوثي نافذة صغيرة على كارثة إنسانية كبرى تتسع رقعتها في صمت، بعيداً عن أعين العالم.