شهد الريال اليمني خلال شهر أغسطس 2025 تحولًا اقتصاديًا دراميًا، حيث تراجع إلى مستويات قياسية قبل أن يستعيد عافيته بشكل مفاجئ وغير مسبوق.
هذا التحسن السريع، الذي يشبه "تنسيم البالون" بعد نفخه بشكل مبالغ فيه، لم يكن صدفة بل نتاج تداخل معقد بين عوامل اقتصادية وسياسية وإدارية.
الخبير الاقتصادي البارز وحيد الفودعي يفكك هذا اللغز في تحليل يكشف أسباب التحسن وتأثيراته على حياة المواطنين.
لماذا انهار الريال ثم انتعش؟
يوضح الخبير الفودعي أن التدهور الذي شهده الريال لم يكن مبررًا اقتصاديًا، بل كان نتيجة شح في تدفقات العملة الصعبة بسبب توقف تصدير النفط، بالإضافة إلى مضاربات مكثفة من قبل صرافين شبكات غير منضبطة.
هذه العوامل أدت إلى ارتفاع سعر الريال السعودي مقابل اليمني إلى 760 ريالاً، وهو رقم وصفه الفودعي بأنه "مبالغ فيه".
التحول جاء بعد حزمة من الإجراءات الحازمة من قبل البنك المركزي والحكومة، التي شملت إغلاق شركات صرافة مخالفة، وتشديد الرقابة، وتشكيل لجنة لتنظيم الاستيراد. هذه التدخلات، المدعومة سياسيًا من المجلس الرئاسي، أسفرت عن انهيار سعر الصرف المبالغ فيه، ليعود الريال إلى مستوى 425-428 ريالاً سعوديًا، مستعيدًا أكثر من 40% من قيمته في غضون أيام.
من المستفيد ومن المتضرر؟
وأشار إلى أن هذا التعافي السريع كان له وجهان. فمن ناحية، شعر المواطن بارتياح نسبي مع انخفاض أسعار السلع المستوردة مثل الغذاء والوقود، مما كبح جماح التضخم المتزايد. هذا الإنجاز منح الحكومة والبنك المركزي رصيدًا سياسيًا وشعبيًا. كما أن تضييق الفجوة بين سعر الصرف في مناطق الحكومة وتلك الخاضعة للحوثيين شكل ضربة استراتيجية للأخيرين، حيث قلص من قدرتهم على استخدام فارق العملة كسلاح اقتصادي.
لكن من ناحية أخرى، تضررت فئات أخرى من هذا التحسن. فالأسر التي تعتمد على تحويلات المغتربين شهدت تراجعًا في قيمة أموالها بالريال اليمني، مما قلص من قدرتها الشرائية. كما أن الكثير من التجار لم يخفضوا أسعارهم بشكل يتناسب مع تحسن العملة، مما كشف عن ضعف الرقابة. بالإضافة إلى ذلك، أثر التحسن على الإيرادات الحكومية المقومة بالعملة الأجنبية، حيث أصبحت أقل قيمة عند تحويلها إلى الريال، مما قد يفاقم عجز الموازنة.