بينما تكافح أسرة يمنية لإطعام أطفالها بوجبة واحدة في اليوم، يجد الملايين أنفسهم أمام واقع أشد قسوة؛ إذ يواجه سبعة من كل عشرة يمنيين صعوبة في الحصول على الغذاء الكافي، وفق تقرير حديث لبرنامج الأغذية العالمي، ما يعكس تفاقم أزمة إنسانية تُعد من بين الأسوأ عالميًا.
وأكد التقرير أن مستويات الحرمان الغذائي الحاد بلغت 44% من إجمالي السكان، وهي النسبة الأعلى منذ سنوات، لافتًا إلى أن محافظات الجوف والبيضاء ولحج سجلت المستويات الأشد خطورة. وأشار إلى أن الأسر النازحة وتلك التي تعيلها نساء تلجأ بشكل متزايد إلى استراتيجيات تأقلم قاسية، مثل تقليص استهلاك الغذاء أو الاكتفاء بوجبة واحدة يوميًا.
وحذّر برنامج الأغذية من أن المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين قد تشهد، خلال سبتمبر المقبل، ظهور جيوب سكانية تدخل المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC 5)، وهي مستوى المجاعة.
وأوضح التقرير أن أسعار الغذاء والوقود وصلت في يوليو الماضي إلى مستويات قياسية، بسبب تدهور قيمة الريال اليمني في مناطق الحكومة المعترف بها دوليًا، قبل أن يؤدي تدخل البنك المركزي في عدن إلى تحسن مؤقت لسعر الصرف في أغسطس، ما انعكس على تراجع نسبي للأسعار.
غير أن التقرير لفت إلى أن التحسن لم يكن متناسبًا مع قوة العملة، محذرًا من هشاشة هذه المكاسب، وخطر العودة إلى مستويات أشد سوءًا إذا لم تُتخذ إجراءات إصلاحية مستدامة.
وأشار التقرير إلى أن واردات الوقود عبر موانئ البحر الأحمر سجلت في يونيو ويوليو الماضيين تراجعًا حادًا إلى أدنى مستوى لها منذ ثلاث سنوات، مع خسائر بنيوية تفوق 1.3 مليار دولار. وحذّر من أن أي نقص إضافي في الوقود قد يعيق عمليات طحن الحبوب، ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الدقيق، رغم القيود السعرية المفروضة.
وبحسب التقرير، فقد سجلت واردات الغذاء عبر الموانئ اليمنية خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2025 انخفاضًا طفيفًا بنسبة 4% مقارنة بالعام الماضي، ويعود ذلك بالأساس إلى تراجع التدفقات عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين شهدت موانئ الحكومة زيادة طفيفة لم تكن كافية لتعويض الفجوة.
واختتم برنامج الأغذية العالمي تقريره بالتحذير من أن اليمن يقف أمام تدهور غير مسبوق في الأوضاع المعيشية إذا لم تتضافر الجهود المحلية والدولية لتخفيف حدة الأزمة، مؤكدًا أن سبعة من كل عشرة أسر يمنية لا تزال عاجزة عن تأمين الغذاء الكافي، وهو ما يهدد مستقبل ملايين الأطفال والنساء والفئات الأشد ضعفًا.