أطلقت قناة الجمهورية فيلمًا وثائقيًا جديدًا تحت عنوان "الفارّون"، يكشف القناع عن واحدة من أكبر الخدع الدعائية التي تنتهجها مليشيا الحوثي الإرهابية عبر ما تسميه بـ"العفو العام"، والذي اتضح أنه مجرد فخ قذر لاستدراج المقاتلين، قبل أن يتحولوا إلى وقود في جبهات الموت أو نزلاء في الزنازين السرية.
الفيلم، الذي يمتد لـ42 دقيقة، يستعرض شهادات دامغة لأفراد فرّوا من جبهات الشرعية، ووقعوا ضحايا للدعاية الحوثية التي خدعتهم بالعودة، ليجدوا أنفسهم في أتون الخداع والتنكيل والإذلال. حيث استخدمت المليشيا هؤلاء العائدين كأدوات دعاية، ثم زجت بهم في مهام استخباراتية أو ميدانية خطيرة، بعضهم أُجبر على القتال، والبعض الآخر تمت تصفيته أو اعتقاله بعد انتهاء غرض المليشيا منه.
ومن بين الشهادات المثيرة التي تضمنها الفيلم، قصة سمير رضوان، الذي فرّ من الساحل الغربي إلى صنعاء بعد ارتكاب جريمة نهب، ليتم استغلاله في عرض دعائي مخادع، حيث ظهر على شاشات الحوثيين برتبة "عميد" وقائد لمعسكر وهمي، بينما كان دوره الفعلي لا يتجاوز توزيع مساعدات غذائية! سرعان ما انقلبت الصورة الوردية إلى كابوس حقيقي حين أُجبر على دخول دورات عقائدية ثم أُلحق بجبهات القتال كأداة رخيصة في معركة لا يؤمن بها.
الفيلم يستند كذلك إلى شهادة الصحفي محمد الصلاحي، الذي اختُطف على يد الحوثيين وقضى خمس سنوات في سجونهم، ويؤكد أنه التقى بعدد من العائدين الذين صدّقوا كذبة "العفو العام"، ليجدوا أنفسهم خلف القضبان بتهم ملفقة وأحكام جاهزة.
الصحفي أدونيس الدخيني، الذي استُضيف في الوثائقي، أكد أن مليشيا الحوثي تستخدم حملة "العفو العام" كوسيلة خبيثة لعرقلة تدفق المقاتلين من مناطق سيطرتها نحو صفوف المقاومة الوطنية، لكنها فشلت في تحقيق أهدافها، حيث أن من يعود إليها، هم في الغالب متورطون في نهب أو جرائم، ويجدون أنفسهم متماهون مع سلوك الجماعة وليس مع قضيتها.
كما يوثق الفيلم كيف استغلت المليشيا وجهاء وأسرًا اجتماعية للضغط على أبنائهم، وتقديم وعود كاذبة لهم، ما لبثت أن انهارت أمام الحقيقة المريرة: لا عفو، لا كرامة، ولا أمان في مناطق الجماعة.
"الفارّون" ليس مجرد وثيقة بصرية، بل صفعة إعلامية تكشف عورة آلة التضليل الحوثية، وتُظهر للعالم كيف أن من يصدّق المليشيا، لا يعود إلى حضن الوطن، بل يُلقى إلى فم التنين.