يشكو سكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء من عجزهم عن توفير العلاج لمرضاهم، في ظل انهيار شبه تام للخدمات الصحية بالمستشفيات الحكومية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بعد أن حوَّلت الجماعة هذه المنشآت إلى مراكز طبية عسكرية مخصصة لكبار القادة والمشرفين والتابعين لها.
ويقول السكان إن الجماعة، التي تفرض سيطرة كاملة على القطاع الصحي، حرمت المدنيين من حقهم في الرعاية الصحية، وخُصصت معظم المشافي العامة في صنعاء وضواحيها لعلاج عناصرها وقياداتها الذين يسقطون يومياً في الغارات الأميركية المتواصلة.
يأتي ذلك في وقت أكَّدت فيه منظمة الصحة العالمية أن اليمن لا يزال يعاني من تفشي أمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات، نتيجة تدهور البنية التحتية للرعاية الصحية، واستمرار الصراع، إضافة إلى العقبات اللوجيستية التي تواجه الأسر في المناطق النائية للحصول على التطعيمات المنقذة للحياة.
ومع تصاعد الضربات الأميركية على مواقع الحوثيين، أصدرت قيادات الجماعة توجيهات برفع الجاهزية الطبية في جميع المستشفيات الحكومية الخاضعة لها، تشمل أقسام الطوارئ وبنوك الدم وسيارات الإسعاف، لاستقبال الجرحى من عناصرها حصرياً، وسط استبعاد متعمَّد للمرضى المدنيين.
وكشفت مصادر طبية في صنعاء لـ"الشرق الأوسط" عن أن مئات الحالات تصل يومياً إلى مستشفيات عامة لتلقي العلاج، إلا أنها تُقابل بالرفض من بعض الكوادر الصحية وحراس أمن حوثيين.
وأوضحت المصادر أن هؤلاء المرضى الذين يأتون في حالة صحية حرجة وظروف معيشية بائسة، غالباً ما يُمنعون من الدخول، بذريعة توقف بعض الأقسام أو عدم وجود أسرة أو انشغال الكادر الطبي.
ويروي "محمد"، وهو أحد سكان صنعاء، ويبلغ من العمر 42 عاماً، معاناته مع قرحة في المعدة وأمراض أخرى، ويعيش بلا عمل، وهو أب لأربعة أطفال، ويقول لـ"الشرق الأوسط" إنه حاول على مدى يومين دخول المستشفى الجمهوري، لكنه مُنع في كل مرة من الدخول مع مرضى آخرين، رغم حالته المتدهورة.
وأضاف: "لو كنت أستطيع دفع تكاليف العلاج في مستشفى خاص لما لجأت للمشفى الحكومي، لكن وضعي لا يسمح".
بالإضافة إلى ذلك، يواجه مئات المرضى في صنعاء ومدن أخرى عراقيل مشابهة، تشمل منعهم من دخول المستشفيات الحكومية التي باتت مخصصة -حسب السكان- لرعاية قيادات الجماعة ومسلحيها المصابين جرّاء الغارات الأميركية.
وكانت الجماعة قد خصصت في وقت سابق مستشفيات كبرى في صنعاء لاستقبال قتلاها وجرحاها، من بينها المستشفى العسكري، ومستشفى الشرطة، ومستشفى المؤيد، ومستشفى القدس العسكري، ومستشفى "48". وشددت الإجراءات الأمنية حول هذه المستشفيات بعد استقبالها أعداداً من المصابين.
كما قامت بنقل أجهزة ومعدات طبية من مستشفيات أخرى، مثل الثورة والجمهوري والكويت، إلى تلك المخصصة لعلاج عناصرها، واستدعت أطباء من تخصصات مختلفة للعمل بها، ما أدَّى إلى تفريغ المستشفيات العمومية من الكوادر والتجهيزات.
وتسببت هذه الممارسات المتكررة من قبل الحوثيين في انهيار شبه كامل للقطاع الصحي في اليمن، وتراجع مستوى الخدمات في المستشفيات الحكومية والخاصة، وارتفاع معدلات انتشار الأمراض والأوبئة القاتلة، حسب تقارير منظمات دولية ومصادر طبية محلية.