آخر تحديث :السبت-27 يوليه 2024-10:02ص

اخبار وتقارير


خلافات الشرعية والانتقالي الجنوبي مهددة بالعودة إلى مربعها الاول

خلافات الشرعية والانتقالي الجنوبي مهددة بالعودة إلى مربعها الاول

السبت - 01 يونيو 2024 - 05:51 ص بتوقيت عدن

-

لوّح المجلس الانتقالي الجنوبي، بالانسحاب من "الشرعية اليمنية"، على خلفية استمرار "فشل الحكومة وعجزها" عن إيجاد حلول لأزمات اقتصادية وخدمية تعيشها المحافظات المحررة من ميليشيا الحوثي؛ وهو ما يهدد بعودة الخلافات بين الطرفين إلى مربعها الأول.
وقال عضو مجلس القيادة الرئاسي في البلاد، رئيس "الانتقالي الجنوبي"، عيدروس الزبيدي، إن مشاركة الانتقالي في مجلس القيادة والحكومة اليمنية "كانت من منطلق الحرص على توحيد القوى والجهود لمواجهة العدو المشترك المتمثل في ميليشيا الحوثي الإرهابية، ورفع المعاناة عن شعبنا، وتوفير الخدمات".
وبين في اجتماع مع الوزراء الممثلين عن "الانتقالي الجنوبي" في الحكومة، وأعضاء هيئة رئاسة المجلس في عدن، أن وصول الأوضاع المعيشية إلى مستوى متردٍّ، "يحتّم على المجلس الانتقالي إعادة النظر في جميع قراراته وخطواته المستقبلية، بما يخدم مصالح شعب الجنوب وقضيته الوطنية".
وأشار الزبيدي إلى أن الانتقالي الجنوبي "كيان سياسي من شعب الجنوب وإليه، ولن يكون أبدًا بعيدًا عن معاناته، كما أن لديه من القدرة والشجاعة ما يكفي لتحمّل مسؤولياته الوطنية تجاه شعبنا".
وتعيش المحافظات اليمنية المحررة من ميليشيا الحوثي، ترديًا اقتصاديًا ومعيشيًا غير مسبوق، في ظل انهيار قياسي للعملة المحلية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، تزامنًا مع تدهور حادٍ في خدمة الكهرباء، إثر توقف تموين محطات توليد الطاقة، ما ضاعف من عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي إلى قرابة 18 ساعة يوميًا.
وشهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن ومدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت، منتصف شهر أيار/مايو الجاري، احتجاجات استمرت لعدة أيام، بسبب الأزمة الاقتصادية والخدمية.
وعقب تلويحات الزبيدي بفضّ الشراكة، يترقّب الشارع المحلي تطورات الأيام المقبلة وما ستسفر عنه من سيناريوهات محتملة، وسط آمال بحدوث انفراجة تزيح غمّة الأزمة الاقتصادية والخدمية، التي ألقت بظلالها على الجانب السياسي في معسكر الحكومة المعترف بها دوليًا.

إدارة ذاتية
ويرى رئيس تحرير صحيفة "المرصد" المحلية، حسين حنشي، أن الحل يكمن في إعلان "إدارة ذاتية كاملة، اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا وأمنيًا في الجنوب، يبقى رابطها المشترك مواجهة الحوثي بشكل جماعي، وهو حق مشروع لا تعنّت فيه وليس تعجيزيًا".
وكان الانتقالي الجنوبي، قد أعلن الإدارة الذاتية وحالة الطوارئ العامة في عدن وعموم المحافظات جنوب اليمن، في العام 2020، بعد اتهامه الحكومة اليمنية بالفشل والفساد، قبل أن يتراجع عنها بعد عدة أشهر، إثر ضغوط دولية وإقليمية.
ويؤكد في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن الانتقالي الجنوبي، منح الحكومة الكثير من الفرص، منذ قيادة رئيسها السابق، معين عبدالملك، ثم رئيسها الحالي أحمد بن مبارك، "لكن هناك فشلاً حقيقيًا على المستوى الخدماتي، والإداري، والمالي، في هذه الحكومة، وبالتالي فإن هناك تفهّمًا دوليًا وإقليميًا لأي خطوة يقدم عليها المجلس الانتقالي في إطار إدارة ذاتية للمناطق المحررة، جنوبًا وشمالًا، ما لم يكن هناك تحرك عاجل لحل جميع هذه الإشكاليات جذريًا وضمان عدم تكرارها".
ويبين حنشي أن دعوة الزبيدي إلى إعادة النظر في توازنات الشراكة القائمة، "تأتي بعد أن ثبت أن الشراكة هذه فاشلة بكل المعايير، لافتًا إلى أن الانتقالي الجنوبي، يقع تحت ضغوط وعبء تفويضه من قبل الشعب في الجنوب، "وبالتالي فإن غياب الخدمات يجعل الشعب يترقب ما الذي يمكن أن يأتي به، ولا يمكن ترك الشعب معلقًا ويبحث عن أبسط حقوقه وخدماته".
وتعود الشراكة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، إلى العام 2019، بعد توقيعهما "اتفاق الرياض" برعاية من المملكة العربية السعودية، والذي شُكلت على إثره حكومة مناصفة بين جنوب اليمن وشماله، نال فيها المجلس الانتقالي عدة حقائب وزارية، قبل أن يصبح رئيسه الزبيدي عضوًا في مجلس القيادة الرئاسي للبلاد.

وسيلة ضغط
ويعتقد مدير مكتب مركز "south24" للأخبار والدراسات في عدن، يعقوب السفياني، أن تلويح الزبيدي بالانسحاب، "هو وسيلة ضغط في الوقت الراهن، للتسريع من عملية الإصلاحات ضمن الحكومة"
ويقول في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن التلويح هو استجابة طبيعية للوضع الخدمي والاقتصادي السيئ، وضغوط الجمهور في عدن بشكل خاص، والجنوب عامة، على المجلس الانتقالي.
ويوضح السفياني أن الانتقالي الجنوبي أكد منذ الوهلة الأولى لمشاركته في الحكومة، ومن ثم مجلس القيادة الرئاسي، "على أن الأهداف المتعلقة بتحسين الخدمات وصرف الرواتب بانتظام، ومعالجة قضايا ومشاكل السكان، هي سبب رئيس يدفعه لهذه الشراكة، فضلًا عن الأهداف المتعلقة بصناعة السلام، وصياغة مستقبل اليمن برعاية أممية".
وينوه إلى أن إخلال الحكومة بواجباتها "يعطي المبررات الكافية للمجلس الانتقالي لاتخاذ أي خطوات"، مستبعدًا أن يفضّ المجلس الانتقالي شراكته مع الحكومة أو مجلس القيادة الرئاسي، خاصة في الوقت الراهن، ومع وجود بن مبارك الذي يحتفظ بعلاقات جيدة مع قيادة الانتقالي، على رأس هذه الحكومة.
ويشير السفياني إلى وجود خيارات أخرى "قد يتجه لها المجلس من قبيل الضغط، لمزيد من الإصلاحات الحكومية، وزيادة الإنفاق على عدن كعاصمة، وبالذات في قطاع الكهرباء".
يذكر أن ذلك الضغط يأتي ضمن مهام مجلس القيادة الرئاسي، "لصبّ إيرادات مأرب في أوعية البنك المركزي اليمني بعدن، ومن دون هذه الإجراءات، أعتقد أن المجلس الانتقالي سيكون بحاجة للخطوة التالية التي قد تقود في نهاية المطاف إلى قرارات كبيرة".
وفي ظروف مشابهة، في شهر مارس/ آذار من العام 2021، اندلعت تظاهرات غاضبة في عدن، اقتحم خلالها المحتجون مقر إقامة الحكومة اليمنية بقصر معاشيق، احتجاجًا على التدهور الاقتصادي والخدمي وانقطاع الرواتب، ما أجبر الحكومة على مغادرة البلاد لمدة 6 أشهر متواصلة.

صحوة إيجابية:
ويقول المحلل السياسي، صلاح السقلدي، إن ظروف التحالف الحالية، أكبر من أن يتخذ المجلس الانتقالي قرارًا بالانسحاب من الشرعية، "رغم أنه ليس مُعدم القوة أو أوراق الضغط؛ إذ لا يزال يمتلك الكثير من أوراق اللعبة السياسية، واليوم أصبح لدى الجنوب أنياب وأظافر من خلال قوته العسكرية، ولم يعد الجنوب ذلك الضعيف والمنكسر".
ويشير في حديثه لـ"إرم نيوز" إلى القاعدة الشعبية والجماهيرية التي تحظى بها القضية الجنوبية والتي يستطيع المجلس الانتقالي الاتكاء عليها، لإعادة ترتيب أوراقه في حال مغادرته الشراكة السياسية مع الشرعية اليمنية، "كما أنه لا يزال يحظى بمستوى علاقات لا بأس بها على المستويين الإقليمي والدولي".
ويضيف السقلدي، أنه من المتوقع أن يتعرّض المجلس الانتقالي في حال انسحابه، للكثير من الضغوط المختلفة التي قد يشتد على إثرها تردّي الأحوال المعيشية والخدمية في الجنوب.
ولفت إلى أنه سواء اُتخذ قرار الانسحاب أم لم يُتخذ، "فإن الأهم هو حالة الصحوة التي تجتاح المجلس اليوم، وهذا شيء إيجابي، لأن الوضع لا يسرّ أحدًا".
وذكر السفياني أن سوء الأوضاع المحلية "ولّد حالة من العزم لدى قيادة المجلس الانتقالي على مراجعة الأوضاع والعلاقات مع الحلفاء المحليين، لإعادة الأمور المتعلقة بالمسار السياسي للقضية الجنوبي، أو على الأقل ما يتعلق بالجانب المعيشي والخدمي إلى الواجهة بهدف معالجة الاختلالات".