آخر تحديث :السبت-27 يوليه 2024-08:53ص

اخبار وتقارير


أصيل الحمصي.. يمني لم تستطع ألغام الحوثي بتر شغفه الرياضي

أصيل الحمصي.. يمني لم تستطع ألغام الحوثي بتر شغفه الرياضي

الخميس - 07 مارس 2024 - 12:22 ص بتوقيت عدن

- نافذة اليمن - إرم نيوز

لم يخطر للشاب اليمني أصيل الحمصي، وهو يمضي في طريقه إلى ملعب شعبي بمديرية عسيلان، شمالي محافظة شبوة النفطية، أن شغفه بكرة القدم سيقوده إلى تغيير جذري يطال حياته كليًا، ومعها عشقه لممارسة اللعبة الرياضية.

بعد أسابيع من التحرير الأول لمديريات محافظة شبوة، الشمالية الغربية، عسيلان وبيحان وعين، من ميليشيا الحوثي، أواخر العام 2017، داس أصيل الحمصي في مستهل العام التالي على أحد الألغام الفردية التي زرعها الحوثيون في بلدته، أثناء توجهه لمشاهدة مباراة كرة قدم بين فريقين شعبيين، في أحد الملاعب الترابية المنتشرة في محافظة شبوة.

يقول الشاب، الأب لأربعة من الأبناء، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إنه توجه بأمان إلى ذلك الملعب الذي يبعد عن منزله مئات الأمتار، للمرة الأولى منذ أن تحررت مديرية عسيلان من قبضة الحوثيين؛ بهدف مشاهدة أداء بعض أبناء بلدته في المباراة، معتقدًا أن خطر ميليشيا الحوثي زال تمامًا.

وبدلًا من ذهابه لمشاهدة أصدقائه يلعبون كرة القدم، هرعوا إليه لنجدته بعد سماعهم دويّ انفجار قريب، ونقلوه على وجه السرعة إلى مستشفى عسيلان الحكومي.

أصيب الحمصي، ذو الثلاثين عامًا، جراء الانفجار، بتهشم قدمه ومعظم ساقه اليمنى، إضافة إلى جروح عميقة أصابت فخذه الأيسر، ما جعل الأطباء يقررون بتر ساقه اليمنى من أسفل الركبة، ليتفاجأ عند إفاقته بفقدان أهم أجزاء جسده التي جعلته مولعًا بكرة القدم، واستغرق الأمر منه أياما حتى استسلم لواقعه وإصابته المستديمة.

خلال الأشهر التي تلت تحرير عسيلان الأولى، كان ضحايا الألغام من رجال ونساء وأطفال في توافد مستمر إلى المستشفيات، نتيجة حقول الألغام المزروعة في مواقع واسعة من المديرية، طالت المناطق السكنية المأهولة، ما استدعى تدخلًا عاجلًا من الفرق الهندسية التابعة للجيش اليمني، في أبريل 2018، قبل أن يرسل مشروع "مسام" السعودي مهندسيه الميدانيين لنزع الألغام بأنواعها المختلفة.

وتمكن أصيل الحمصي، بعد أشهر من بتر ساقه، من السفر إلى العاصمة المصرية القاهرة، على نفقة الدولة، وبدأ باستخدام طرف صناعي، بات يعتبره جزءا منه، بعد تكيّفه على التحرك معه، حتى وهو يمارس لعبته الرياضية الجديدة، كرة الطائرة، التي استبدلها بعشقه لكرة القدم.

لم تنتهِ معاناة الحمصي عند هذا الحدّ، فقد خسر عمله كسائق حرّ لنقل البضائع داخليًا، بعد إصابته، وأصبح اليوم عاطلًا عن العمل، معتمدًا على أشقائه في مواجهة شظف العيش، وتوفير متطلبات أطفاله الأربعة.

ويشير، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى رضاه التام بقضاء الله وقدره، لكنه لا يخفي تذمّره الكبير من وضعه ووضع أسرته الحالي، في ظل "استمرار غياب الاهتمام الحكومي عن رعاية ضحايا الألغام وحياتهم المعيشية، واكتفاء المنظمات الدولية بالتسابق على أخذ بياناتنا كل عام تقريبا، من دون أثر أو منفعة".

وبحسب "البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام"، فإن أعداد ضحايا الألغام التي زرعتها ميليشيا الحوثي، منذ العام 2015، تصل إلى 10 آلاف ضحية مدنية موثّقة، فضلًا عن حالات أخرى غير مسجلة؛ في حين يشير "المركز الأمريكي للعدالة"، في تقرير له، إلى أن 75% من المصابين بالألغام في اليمن تعرضوا للإعاقة الدائمة أو التشويه الملازم لهم مدى الحياة.

وتتهم الحكومة اليمنية ميليشيا الحوثي بتحويل البلاد إلى "أكبر حقل موبوء بالألغام، منذ الحرب العالمية الأولى"، بعد أن زرعتها في المدن والطرقات والمزارع والمدارس والأحياء السكنية، في تحدٍ واضح للقانون الدولي والإنساني.