ما جرى لم يكن عملية أمنية عادية، بل لحظة تعرية كاملة بلا أقنعة، المجلس الانتقالي الجنوبي لم يتجاوز الضوابط، بل كشف من كان ينتهكها منهجيًا تحت عباءة الشرعية. العملية أثبتت، بلا أي التباس، أن وادي حضرموت لم يكن منطقة آمنة ولا ساحة عسكرية منضبطة، بل مخزنًا للسلاح الثقيل خارج أي تفويض قتالي حقيقي، سلاح لم يُكدّس لمواجهة الحوثي، ولم يُوجَّه إلى الجبهات، بل جرى تحصينه في عمق الجنوب استعدادًا ليوم آخر… يوم استخدامه ضد الجنوب نفسه.
الوقائع التي انكشفت صادمة حدّ الفضيحة: مدرعات، أسلحة ثقيلة، وتمركزات قتالية في وادٍ لا توجد فيه حرب، ولا مبرر عسكري واحد يفسّر هذا الحشد، أي عقيدة عسكرية هذه التي تُخزّن القوة بعيدًا عن العدو، وتُبقيها قرب المدن والمنشآت الحيوية؟ هذا ليس سوء تقدير، ولا خطأ عملياتي، بل نية مبيتة مكتملة الأركان.
الأخطر أن العملية كشفت كيف تحوّلت مصافي تكرير النفط والمنشآت السيادية إلى رهائن بيد قوة عسكرية لا تعنيها الحماية بقدر ما يعنيها الابتزاز السياسي. هنا لا نتحدث عن خلل إداري أو ضعف رقابي، بل عن عسكرة الاقتصاد، واختطاف الموارد، وتحويل الثروة الوطنية إلى درع ضغط. من يحيط المصافي بالسلاح الثقيل لا يحمي الدولة، بل يحتجزها.
كل من يصرخ اليوم باسم “الضوابط” يتعمّد القفز فوق السؤال الجوهري: من سمح بتكديس هذا السلاح؟، ولماذا لم يُستخدم ضد الحوثي؟، ولمصلحة من بقي مخفيًا في وادي حضرموت؟، هذه الأسئلة وحدها كافية لإسقاط كل خطاب المظلومية المصطنعة، وكل محاولة تزييف للوقائع.
ما فعله المجلس الانتقالي الجنوبي هو إغلاق منطقة رمادية خبيثة استُخدمت طويلًا لتخادم الإرهاب، وحماية النفوذ، وتأجيل الانفجار، تحرّك ضمن التزامه الكامل بتفويض التحالف العربي في مكافحة الإرهاب، وطبّق عمليًا ما نصّ عليه اتفاق الرياض 2019 حين عجز الآخرون عن تنفيذه، أو تواطؤوا على تعطيله.
هذه لحظة تعريف فاصلة لكل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية .. لا حل للأزمة دون تجفيف منابعه، حظر الإخوان والحوثيين من ممارسة أي نشاط عسكري أو سياسي ليس إجراءً انتقاميًا، بل مدخلًا ضروريًا للاستقر، ومن ينسى، أو يتناسى، أن عاصفة الحزم انطلقت تحت الفصل السابع وبموجب القرار الأممي 2216، إنما يحاول إعادة كتابة الشرعية بما يخدم الفوضى لا الدولة.
انتهى زمن الإخفاء، السلاح الذي كُشف لا يمكن إنكاره، والنية التي انفضحت لا يمكن تبريرها، وما بعد هذه اللحظة ليس كما قبلها.
بيان الخارجية السعودي هو فرصة أخرى يجب أن تلتقط بالطريقة التي تضمن أمن وسلامة الشعوب وحق تقرير مصيرها وفق القانون الدولي، هي فرصة على الجميع أن يتعامل معها بالطريقة التي تضمن أكبر قدر من أمن وسلامة الناس وتوفير الخدمات وإكرامهم وليس التعمد في إذلالهم وإهانتهم وتهديدهم الدائم بالشرعية المتأخونة حيناً والفاسدة أحياناً أكثر.
#استعاده_دوله_الجنوب_العربي #الاستقلال_الثاني #البيان_الأول