آخر تحديث :الإثنين-03 نوفمبر 2025-12:56ص

إجراءات البحث الجنائي بتعز تثير مخاوف بشأن حقوق الإنسان

الإثنين - 03 نوفمبر 2025 - الساعة 12:56 ص

أحمد طه المعبقي
بقلم: أحمد طه المعبقي
- ارشيف الكاتب


لم نسمع قط أن البحث الجنائي في أي محافظة يمنية قام باستدعاء أو احتجاز ناشط إعلامي أو حقوقي بسبب قضايا نشر، بينما نسمع بين الحين والآخر عن استدعاءات لصحفيين استقصائيين أو ناشطين إعلاميين وحقوقيين من قبل البحث الجنائي في مدينة تعز على خلفية قضايا تتعلق بالنشر.


وبما أنه لا جريمة دون مسرح للجريمة، ولا عقوبة إلا بنص قانوني، فإن وسائل التواصل الاجتماعي ليست مسرحًا للجريمة، ولا يوجد في القانون ما يجيز معاقبة مستخدميها لمجرد تعبيرهم عن آرائهم.


لذلك نطالب رئيس نيابة تعز بوضع آليات تضمن حماية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، سواء كانوا إعلاميين أو حقوقيين أو مواطنين وجدوا في هذه المنصات منبرًا لإيصال رسائلهم ومظالمهم إلى القيادات العليا في الدولة.


كما نأمل من فضيلة المحامي العام محمد سلطان التدخل العاجل للحد من هذه التعسفات، من خلال إصدار تعميم يلزم البحث الجنائي في تعز بعدم النظر في أي شكوى تتعلق بقضايا النشر، إلا بتوجيهات رسمية من رئيس النيابة.


من المعروف أن فضاء التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر وغيرها) أصبح يؤدي دورًا رقابيًا ومجتمعيًا، ومنبرًا إعلاميًا وحقوقيًا وفكريًا، ووسيلة من وسائل التغيير والنضال السلمي التي يجب حمايتها. فليس من المنطقي أن تصبح مؤسسة أمنية كالبحث الجنائي منشغلة بملاحقة صحفي استقصائي ينشر مادته الصحفية عبر هذه المنصات، كما حدث مع الصحفي وجدي السالمي، أو كما حصل مع العديد من الإعلاميين والحقوقيين، وكان آخرها الحكم الصادر بحبس الناشطة أروى الشميري لمجرد تفاعلها مع فيديو لأم أحد الضحايا وإعادة نشرها له، شأنها شأن مئات النشطاء الذين شاركوا الفيديو ذاته.


والأدهى أن حبس امرأة دون سند قانوني يجرّم الفعل المنسوب إليها يُعد انتهاكًا صارخًا للأعراف الإنسانية والكرامة المجتمعية، إذ إن سجن امرأة دون اتهام صريح أو حكم قضائي يمثل استفزازًا للمجتمع بأسره، ويزرع حالة من الاحتقان. فالتاريخ يحدثنا أن المرأة كانت دائمًا رمز شرف المجتمع، وأن إهانتها غيّرت مسار التاريخ مرارًا — كما فعلت روزا باركس حين حرّرت المجتمع الأمريكي من العنصرية، وكما أشعلت إهانة نساء عربيات حروبًا كبرى في التاريخ العربي.


ما لفت انتباهي أن الإجراءات التي اتخذها البحث الجنائي بحق أروى الشميري تثير مخاوف حقيقية بشأن حقوق الإنسان، وخصوصًا ما يتعلق بحقوق النساء في اليمن. فاشتراط ضمانات حضور صارمة وربطها بضمانات تجارية، مع رفض كل أشكال الضمانات الأخرى، قد يؤدي إلى احتجاز النساء تعسفيًا، خاصة في القضايا البسيطة أو التي لا تتوافر فيها شروط إقامة الدعوى.


إن هذه الممارسات تعكس تحديات أعمق في النظام القضائي اليمني، حيث تواجه النساء عقبات قانونية واجتماعية تحول دون حصولهن على العدالة والحماية. ومن الضروري مراجعة القوانين والإجراءات الحالية لتتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتكفل حماية أفضل للنساء ولجميع أفراد المجتمع.