آخر تحديث :الخميس-16 أكتوبر 2025-12:42ص

‏هل تريدون الحقيقة التي لا يجرؤ أحد على قولها؟

الأربعاء - 15 أكتوبر 2025 - الساعة 10:33 م

صلاح بن لغبر
بقلم: صلاح بن لغبر
- ارشيف الكاتب


بسم الله

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن ليس مجرد هيكلية سياسية مؤقتة أو محاولة لتنظيم السلطة في خضم الأزمة، بل هو تركيبة مدروسة بعناية صُممت لتكون أداة مركزية في إدارة الصراع بطريقة تضمن استمرار الانقسام والفوضى ضمن حدود مضبوطة، دون السماح لأي طرف بالانتصار الحاسم أو التفوق المطلق.

هذا المجلس، بطبيعته وتكوينه، لا يهدف إلى حل الأزمة اليمنية أو إنهاء معاناة الشعب، بل يسعى إلى إطالة أمد الصراع وتكريسه كحالة دائمة، حيث تُدار الأزمة بدقة لتبقى اليمن – شمالاً وجنوباً – غارقة في انشغالاتها الداخلية، مفككة الأوصال، ومستسلمة للهيمنة

جوهر هذا التصميم يكمن في خلق توازن مصطنع للقوى المتعارضة، حيث يتم الحفاظ على حالة من الجمود السياسي والعسكري يمنع أي تقدم حقيقي نحو الحل.

المجلس، بتعدد مكوناته وتناقض مصالحها، يُعدّ مسرحاً لصراعات داخلية مُدارة بعناية، تُبقي الأطراف في حالة تنافس دائم دون أن يصل أحدها إلى مرحلة الهيمنة الكاملة.

هذا الوضع يخدم أجندات خارجية، لكنه يدمر الوضع الداخلي، حيث تُصور الأطراف– سواء في الشمال أو الجنوب – ككيانات قاصرة، عاجزة عن تحقيق الاستقلالية أو اتخاذ قرارات سيادية دون وصاية.

الأهم من ذلك هو أن هذه التركيبة لا تسعى إلى معالجة الجذور العميقة للأزمة اليمنية، بل تعمل على تغذية الانقسامات القبلية، المناطقية، والسياسية، وتعميقها وخلف المزيد منها تباعا، من دون ان يشعر أي طرف داخلي بالمسؤولية عن هذا الفعل المهدد للمستقبل بمزيد من الانقاسمات، حيث الفاعلون لا يحسون بالحالة الخطيرة لأنهم يركنون إلى فاعلين خارجيين يعتقدون أن البلاد مسوؤليتهم.

استراتيجية تبقى الجميع منشغل بالجميع حيث تتفاعل الصراعات الداخلية وتزيد الانقسامات ويتم تكريس واقع يجعل الفاعلين المحليين – سواء كانوا أفراداً أو جماعات – مقتنعين بضرورة الخضوع للتوجيهات الخارجية.

مقتنعين أن البلاد بحاجة دائمة إلى "ولي" يدير شؤونها ويحدد مصيرها.

هذا الواقع يحول أو قد حول اليمن إلى ساحة لمن يريد

في هذا السياق، يمكن القول إن مجلس القيادة الرئاسي ليس سوى أداة لإدارة "الفوضى المنضبطة" ، هذه الفوضى ليست عشوائية، بل هي فوضى مُصممة لتبقى ضمن إطار محدد حيث تُدار الانقسامات الداخلية لضمان استمرار السيطرة

النتيجة البقاء تحت وطأة صراع مُدار بعناية، من دون حل او حسم أي قضية، بينما يُترك الشعب ليعاني من ويلات الحرب، الفقر، والانقسام.

المجلس، بتصميمه الحالي، لا يمثل إرادة الناس بل يُجسد إرادة القوى التي تسعى إلى إبقاء اليمن تحت الإدارة ومُقتنعة بأنها بحاجة إلى إدارة خارجية لشؤونها.

هذا الوضع يتطلب إعادة تقييم جذرية لدور المجلس وللديناميات التي تحكم الصراع اليمني، مع ضرورة السعي نحو حلول للقضايا لكبرى وعلى رأسها القضية الجنوبية سلما أو حربا، المهم الخروج من هذا المربع العبثي ..

‎#صلاح_بن_لغبر