آخر تحديث :الثلاثاء-30 سبتمبر 2025-02:11ص

إلى حسين العماد: حول مذكرات الكاهن الهالك علي بن يحيى العماد

الثلاثاء - 30 سبتمبر 2025 - الساعة 01:58 ص

د. لمياء الكندي
بقلم: د. لمياء الكندي
- ارشيف الكاتب


لا أيام أثقل على السلاليين من أيام سبتمبرنا الخالدة؛ فهو موسم سنوي يتجدد فيه موتهم المعنوي، يطاردهم في ذاكرتهم كما يطاردهم في حاضرهم، يوقظ فيهم فزعًا قديمًا كلما عاد، ويذكّرهم بأن عروشهم ليست إلا رمالًا بعثرتها عاصفة سبتمبر. وكيف لا يكون سبتمبر شهرًا كريمًا، وهو الذي أذل الله فيه الكهنة السلاليين على يد ثوار اليمن، فانتزع سلطانهم، وأسقط عروشهم، وجرّم تاريخهم، وكشف عوراتهم، ونسف عنصريتهم من جذورها؟


وإيمانًا منّا بعظمة هذا اليوم، ورغبةً في فضح حقارة من تزعمون أنهم "أهل العلم والمكانة" من سلالة الكهنوت والعنصرية، طالعت ما سطرته أقلامكم من غيظ ونقمة تجاه ثورتنا العظيمة.


فأما حديثكم عن الإعدامات الميدانية في صنعاء صباح الثورة، فإن صحّ، فهو أمر طبيعي في سياق سقوط الطغيان؛ إذ كان ضحاياه أذناب النظام البائد وسدنته والمدافعين عنه، أولئك الذين تواطؤوا على قهر الشعب واستعباده. وما ذلك إلا بعضٌ يسير مما استحققتموه بعد قرونٍ من تسلطكم العنصري البغيض.


وليس في التاريخ ـ أيها السلاليون ـ ما هو أوجع من أذاكم؛ أذاكم الذي اتخذ من "الاصطفاء" وهمًا، ومن "الهاشمية" ذريعةً للتسلط. جراحكم في جسد اليمن أعمق من أن يمحوها ادعاء مظلومية أو دمعة تماسيح. فجرائمكم تحت مظلة فتاواكم وأحكامكم الزيدية حفرت في الوجدان الشعبي كراهيةً راسخة لوهم الأفضلية الذي توارثتموه جيلاً بعد جيل. أما ما شهده البعض من إعدامات محدودة، فلم يكن سوى ضرورة اقتضتها الثورة لحماية نفسها منكم ومن مكركم.


ثم تأتي يا كاهن بيت العماد، لتزعم أن الشهيد علي عبدالمغني تولى قتل العشرات من الهاشميين بيده، وأنه صَفّى القاضي السيّاغي حتى لا يُقال إن الثورة لا تقتل إلا منكم. أية فريةٍ هذه؟ وأي كذبٍ يليق بلؤمكم أكثر من هذا؟ إنها رواية وُلدت من رحم حقدكم، كتبتها أقلامكم المسمومة، لتنال من قامة بحجم مهندس الثورة وماردها الشهيد الحر علي عبدالمغني. ولا عجب؛ فكلما اتسع وعي الشعب بعظمة سبتمبر، اتسعت عندكم محاولات التشويه، فأنتم قوم لا تحسنون سوى تلفيق البهتان.


لم يكن علي عبدالمغني ـ أيها الدجال ـ موظفًا يجلس في مكتب ينتظر أن تُقاد إليه رقاب الهاشميين ليقطعها. كان روح الثورة المتنقلة بين المدن والحارات، ينسج صفوف الجيش، يحشد القبائل، يؤسس للدولة الجديدة، ويمضي نحو استشهاده في مأرب شاهدًا على سمو مشروعه. لقد كان أكبر من أن ينشغل بقطف رؤوسكم؛ كان يسعى لاقتلاع جذوركم من أرض اليمن وتأمين شعبه من كيدكم.


ومهما حاولتم أن تلوّثوا صورته، فلن تحصدوا إلا الخيبة. كلماتكم لا تُقنع قارئًا، بل تزيد من احتقاره لكم، ومن فضحكم أمام الناس. وما أشد الحكمة في أن تصمتوا؛ فالصمت ـ وإن كان عارًا ـ أجدى لكم من فضيحة متجددة.


ملاحظة:

في الصورة يظهر الكاهن علي بن يحيى العماد، وفي الأخرى أحفاد سبتمبريون في زيارة لضريح الشهيد علي عبدالمغني . شتّان بين كاهنٍ مثقلٍ بالماضي، وسبتمبريٍّ يستقبل مستقبله بوفاءٍ للأحرار.