ما أن يقترب موعد الـ ٢٦ من "سبتمبر أبناء اليمن" المجيد، حتى يسبقه في ذلك الاقتراب من نكبة الـ ٢١ من "سبتمبر أبناء دخلاء الكهنوتية السلالية"، ويبدأ صراع مقارنة النقائض، حيث يتجرأ البعض على مقارنة عهد الإمامة الزيدية البغيضة البائسة مع العهد الجمهوري، ويحاول البعض الآخر مناظرة "سبتمبر أبناء اليمن" مع "نكبة سبتمبر أبناء دخلاء الكهنوتية السلالية"، وصولًا إلى أن يقوم بعض الجٌهلاء من المُضللين بالاحتفاء بكليهما، أي رفع شعار "سبتمبر أبناء اليمن" مع شعار نكبة "سبتمبر أبناء دخلاء الكهنوتية السلالية"!. بديهيًا، أن الشيء يعرف بضده ونقيضه، ولا يمكن الجمع بين النقائص؛ ولكن بعض المُغفلين وصل بهم الحال إلى مرحلة جمع النقيضين معًا!.
والكارثة أن بعض المُضللين ممن يعانوا الجهل المركب وصل بهم الحال إلى مرحلة تجعلهم لا يستطيعون التفريق بين انتقاد أوجه قصور الجمهورية الأولى، وبين إدراك حقائق وجرائم الإمامة الزيدية البغيضة بمراحلها المتعددة، حتى انتهى المطاف ببعض الحمقى إلى تمجيد الإمامة الكهنوتية البغيضة والاحتفاء بنكبة سبتمبرها!. وفي الحقيقة، لا بأس أن يتم انتقاد كل أوجه القصور في النظام الجمهوري الأول، وذمّ كل الثغرات الكامنة والاختلالات القائمة فيه -والتي من أهم ثغراتها عودة الإمامية الزيدية البغيضة بحلة جمهورية-، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة الجمهورية الأولى مع الإمامة الزيدية البغيضة، ولا يمكن مطلقًا جمع "سبتمبر أبناء اليمن" مع نكبة "سبتمبر دخلاء الكهنوتية السلالية"؛ أما تمجيد الإمامة الزيدية البغيضة فإنها تَعُدّ جريمة من أعظم الجرائم في حق التاريخ وجناية جسيمة في حق الشعب اليمني بِرُمَّته!.
ولكي تعرف الناشئة والشباب بعض من تاريخ معاناة آبائها وأجدادها وقبائلها ومناطقها، وأخبار أسلافها، سيتم إيراد بعض المقولات البسيطة لأئمة الكهنوتية السلالية الزيدية، وتفسير معانيها في مخيلتهم النتنة، ودور ثورة الـ ٢٦ من سبتمبر المجيدة في إسقاط معظم تلك المقولات القبيحة!.
كانت معظم توجيهات البغيض يحيى حميد الدين لعمالة وحاشيته يكتبها بصيغة "ما لا يضر الدولة ولا ينفع القبيلي"، أي بمعنى "ما لا يضر الكهنوتية السلالية ولا ينفع أبناء اليمن"؛ لأن كلمة "الدولة والحكم" في مخيلتهم النتنة هم من يمثلونها وهم أصحاب الحق الإلهي في الحكم والدولة، بينما كلمة "قبيلي" تعني أبناء اليمن من أحفاد سبأ وحِميّر؛ ويكفي بأن الجمهورية الأولى دفنت جيفة أجزاء كبيرة من تلك الصياغة القبيحة!.
أما المفهوم الثوري والعسكري في عقول أئمة الزيدية الظلامية فأنها تتمثل بمقولة "حرب القبيلي على الدولة مُحال"، أي إن "حرب أبناء سبأ وحِميّر ضد دخلاء الكهنوتية السلالية لاسترجاع حكمهم وأرضهم وثروتهم يُحسب ضمن المحرمات وفي خانة المُحال"؛ بينما حرب أبناء القبائل اليمنية ضد الحكام من الأرومة اليمانية واجب وفرض عين، وهذه هي نواة الزيدية الظلامية ولب مرتكزها؛ ويكفي أن الجمهورية الأولى أسقطت تلك المقولة الكهنوتية القذرة!.
وليس ذلك وحسب، بل أن مخاطبة أبناء اليمن لبقايا دخلاء الكهنوتية السلالية بـ "الأخ بدلًا من السيد" كانت تعتبر مسبة وشتيمة، حتى وصل الحال بـ يحيى حميدالدين البغيض بقوله باستعلاء "أخ من يا سبل" والسبل جمع سبلة ومعناه ذنب الحمار؛ ويكفي أن الجمهورية الأولى جعلت أبناء اليمن يرددون "النّاسُ أَرْضٌ ونَحْنُ السَّقْفُ فَوْقَهُمُ *** نَحْنُ السَّماءُ وهُمْ مِنْ تِحْتِنا خُلِقُوا"، ويخاطبونهم بـ بقايا الدخلاء والغرباء والشظايا من سبل الباذانيين والرسّيين والطبريين والشعوبيين!.
أما نظام القضاء والعدل في عهد دخلاء أئمة الزيدية الظلامية فقد كان قائم على مقولة "أطيعوا أمري ولو كان أعوج من ذنب الكلب"، حتى وصل الحال أن اعتاد الشعب الظلم وتقبل الضَيْم وأصبح يردد "ظلمني صلوات الله عليه" و"نهب مالي سلام الله عليه"؛ ويكفي أن الجمهورية الأولى أسقطت ذنب الكلب نفسه، وجعلت من الشعب يهزج بـ "أُريكَ ذُرَى قَحْطانَ حَيْثُ ابْتَنَى لَها *** أَبُوها قُصُورًا حُكِّمَتْ بِالجَنادِلِ ... فَأَيُّ بِلادٍ لم نُدَوِّخْ مُلُوكَها *** وأَيَّ عَزِيزٍ لم نَقُدْ بِالسَّلاسِلِ"!.
أما نظام الابتعاث التعليمي في عهد الكهنوتية السلالية، فقد كان التعليم والسلطة والثروة مخصصة ومحصورة لكهنة الآل فقط، حتى أنه بعد ابتعاث بعض اليمنيين جاء توجيه الكهنوتية بأخراج جميع الطلبة اليمنيين من كلية التجارة قائلََا في البرقية "إن اليمن ليست في حاجة إلى التجارة البتة"، أي إن التجارة لا بد أن تكون محصورة تحت أيدي دخلاء الكهنوتية السلالية؛ علمًا أن البعثة الطلابية المحدودة من اليمنيين كان يراد لهم أن يكونوا في أدوار العكفة التابعين، وكانت تلك البعثة نتيجة ضغوط وبالذات بعد إنشاء جامعة الدول العربية ومطالبة بعض أعضائها بضرورة أن يخرج اليمن من العزلة؛ ويكفي الجمهورية اليمنية الأولى أنه أصبح هنالك العديد من التجار اليمنيين والآلاف من المؤهلين تأهيل عالي!.
أما نظام العزلة -لا نظام الداخلية والخارجية- في عهد الإمامة البغيضة، فقد كانت زيارة اليمن أو مغادرتها تتطلب إذن مسبق من الإمام البغيض شخصيًا سواءً بقصاصة ورقية أو ببرقية؛ ويكفي أن الجمهورية الأولى كما صرح بها أحد الزوار الوافدين لليمن قائلًا بكتابه "يكفي من الثورة اليمنية أنك تستطيع أن تصل إلى اليمن وتغادرها في أية لحظة دون أن تحصل على إذن من الإمام مكتوب على ورقة صفراء صغيرة"!. وهنالك العديد والعديد من المقولات الكهنوتية السلالية القبيحة، التي من شأنها تمييع هوية اليمنيين ومحو انتمائهم وسحق ذواتهم، وتزوير تاريخهم وطمس حضارتهم، وسلب كافة حقوقهم!.
ختامًا، نكبة الـ ٢١ من سبتمبر "دخلاء الكهنوتية السلالية" تعتبر نقيض كلي لثورة الـ ٢٦ من سبتمبر المجيدة الخالدة، والنقائص لا تجتمع، كما أن تلك النكبة تمثل تجسيد واقعي لعودة الإمامة بنسخة ولاية الفقيه، وإسقاط لثورة الـ ٢٦ من "سبتمبر أبناء اليمن" المجيد!. إضافة لذلك، نكبة الـ ٢١ من سبتمبر تَعُدّ إعادة إحياء لكل مقولات دخلاء الكهنوتية السلالية السابقة؛ ولكن دون أدنى شك بأن الجمهورية اليمنية الثانية قادمة وسوف تضع أقدامها السبئية الحِميّرية على عنق كافة خطابات الكهنوتية السلالية ومقولاتها القذرة!.