اغتيلت افتهان، وسقطت مضرّجة بدمها في تعز المدينة التي كانت يوماً منارة للوعي وفقدت ملامحها البريئة وتتحول إلى غابة تدريجيا!
اغتيلت افتهان في شوارع كانت تحاول تنظيفها، وتلك جريمتها أنها كانت تحاول أن تنظف و من ينظف، يُقلق من يعيش على الخراب والغدر والفوضى.
اغتيلت افتهان لأنها قوية بضميرها وارادتها ، و لأنها آمنت بمدينةٍ لا تستحق الموت والغبار والدم!
اغتيلت افتهان لأنها ءامنت ان المدن لا تبنى بالرعب، بل بالحب، بالعمل، اغتيلت في صباحٍ لم يعرف من شمس تعز سوى ضباب الحزن والقهر و الألم.
اغتيلت أفتهان المُسؤولَة، والمواطنة التي شقت طريقها في زحمة الجراح بين بقايا حلم بسيط أن تنقى شوارع المدينة من الأوساخ، فمن ينقي النفوس من الغدر؟!
سُفك دمها بين هتاف الحروف، وصرخات الأمهات اللائي لا يزلن يحلمن بمستقبل ءامن لأطفالهن.
من يُنصف افتهان؟! لا بيان إدانة سيُعيد لها روحها، ولا لجنة تحقيق ستغسل عار السكوت على مظاهر الفلتان الأمني ، افتهان ليست وحدها ، هي صورة لكل من يموت بصمت، لكل من يصرخ ولا يُسمع، لكل من يحاول أن يصنع شيئاً ينتشل المدينةٍ من مستنقع الفوضى.
أيُ بلادٍ هذه التي تُطلق النار على مسؤولة نظافة؟!
رصاصة واحدة تكفي لإسكات صوت.. لكنهم أفرغوا “وابلًا من الرصاص” على سيارتها. هل كانوا يخشون أن تعود من الموت لتُنظف المدينة من نفاياتهم ؟!
منذ سنوات وتعز تنزف من شريعة الغاب و تفتت الدولة، ومن اختلاط الأدوار، وتحوّل البنادق إلى أدوات للحكم.
تعز اليوم ليست مدينة تنهار، بل مدينة تُنزف واقفة.
وتعيش على أطراف اللهب، لم يعد أحد يعلم أهي تعز، أم خرابٌ يتنكر في شكل مدينة؟!
من يحمل السلاح يقرر من يعيش ومن يُدفن بصمت. ومن لا يحمل شيئًا، عليه أن يحمل خوفه فقط !