آخر تحديث :الإثنين-08 سبتمبر 2025-02:30ص

الكائنات الفضائية… محاولة السلالية لتمييع مُعضلة فقاسات الزيدية!

الإثنين - 08 سبتمبر 2025 - الساعة 12:24 ص

همدان الصبري
بقلم: همدان الصبري
- ارشيف الكاتب


عادةً ما يتم تمييع المشكلة الجذرية وإذابة مسبباتها بواسطة استخدام الخطوات العكسية لتحديد المشكلة وحلها؛ وذلك بواسطة عدم الاعتراف بالمشكلة بدلًا من إقرار وجودها، وتشعيب المشكلة وتفريعها نيابة عن تحديد جوانبها وحصر خلفيتها وسياقاتها، وإخفاء العوامل الجذرية المتسببة بحدوث المشكلة عوضًا عن كشفها، ومحاولة الالتواء لتمييع المشكلة دون إيجاد الحلول الشاملة الدائمة المناسبة لها!.


وفي سياق مٌعضلة الموروث الزيدي بشقيه (أي الكهنوتية السلالية وأدواتها التاريخية القذرة)، وإيجاد الحلول الجذرية الدائمة الشاملة لتلك المعضلة، فقد قام البعض سابقًا خلال مدّة العهد الجمهوري الأول بتمييع المشكلة عبر التنظيرات الغير واقعية، والتصنيفات المترهلة، والتقسيمات اللغوية الفضفاضة، والتوصيفات الفكرية والفقهية الواسعة، وصولاً لـ تفصيل معاني الإمامة الكبرى، وشرح الإمامة الصغرى، وتوضيح العصمة وصلاحية المحتسب، وتفسير مبدأ الخروج على الظالم، وتبيين نظرية تقديم العقل على النقل، والغوص بتصنيف "الزيدية" إلى ست عشرة فرقة وبأن أصولها حنفية وفروعها معتزلية، وتسليط الضوء على الفروق ما بين الهادوية والجارودية!. ولم يكتفوا عند ذلك، بل واصلوا في التفريع والتشعيب بأن هناك زيود جمهوريين، وزيود إماميين، وزيود أحرار، وزيود عكفة، وزيود قحطانيين، وزيود عدنانيين، وزيود الهضبة، وزيود الصحراء، وزيود أصحاب السيف، وغيرها من التصنيفات اللامتناهية!. وتوصل أولئك إلى حلول سحرية عملت على تمييع المشكلة، مفادها أنه لا يجب الدفع بـ الزيود الأحرار ليصبحوا زيود "عكفة"، ولا يصح الضغط على الزيدية الهادوية ورميها نحو جناح الزيدية الجارودية، ولا ينبغي دفع الزيود الجمهوريين إلى أحضان الزيود الإماميين!.


ومؤخرًا، خرج البعض يصف الكهنوتية السلالية وأدواتها التاريخية القذرة (أي الزيدية بشقيها)، بأنها لم تكن متواجده في مدارسنا، ولم تنشأ في مساجدنا، ولم تكن متغلغلة في أحزابنا، ولم تنتجه مذاهبنا (بما فيها الزيدية)، ولم ينبت في مناطقنا، وليست زيدية ولا إمامية، ولم تأتي مما يسمى بـ "هجر التضليل لا العلم" المتوزعة في جغرافيا الشمال، ولم تخرج من عباءة فتاوى فقهاء الزيدية، ولم تكن الجوامع الزيدية الكبيرة حاضنة لها، وبأنه تنظيم من خارج البنية الاجتماعية للزيدية بشقيها، وفيروس خارجي طارئ اخترق نظام داخلي لا يتطابق معه؛ وكأنه يقول بصيغة أخرى، أنهم كائنات فضائية مجهولة نزلت فجأة على بقعة أرض واسعة تقع في جنوب شبه الجزيرة العربية وتسمى بـ "اليمن المنكوبة"!. وفي الواقع، أن ذلك التوصيف يُعد محاولة لمواصلة النهج السابق في تمييع توصيف المشكلة، عبر عكس الحقائق وتبديل المفاهيم وتغيير التوصيفات، واستخدام الخطوات المعاكسة لتحديد المشكلة وحلها!.


وفي الحقيقة، أن ما ذُكر سابقًا وما ورد مؤخرًا، يعد محاولة لتمييع المشكلة وهروب من إيجاد الحل الشامل الدائم، ويحاول أولئك تمييع أن "الزيدية" مرض عضال يصيب مرضاه بالعبودية والتبعية والخنوع لـ "كهنة الآل"، وأن جوهرها قائم على نظام حكم الفرد المطلق من ذوي البطنين، وبأنها أداة حادة بيد الدخلاء الغرباء لقتل وتشريد أبناء الأرض وأصحاب الحق، وأنها نظام عنصري طائفي تمييزي تتنافر مع فطرة الإنسان السليمة، وأنها تتنافى كليًا مع مبادئ الجمهورية وتتناقض مع اُسس "العدالة" وبعيدة عن قاعدة "المساواة"، وتُعد إطار سياسي خبيث لانتزاع الحكم من أحفاد سبأ وحِميّر وسلب ثروة أرضهم لمصلحة دخلاء الكهنوتية السلالية ومن يدور في فلكها، وأن الزيدية كارثة مدمرة أهلكت اليمن أرضًا وإنسانا لقرون طويلة!.


وواقعيًا، الكهنوتية السلالية وأدواتها التاريخية القذرة (بنسختها الحالية) تواجدت في مدارس ومعاهد الزيدية، ونشأت في جوامع ومساجد شيعة الكهنوتية، وكانت مخترقة ومتغلغلة لكافة الأحزاب السياسية بمختلف أطيافها وتوجهاتها، ونبتت وأشوكت في معاقل الزيدية وكراسيها، وتوسعت عبر ما يسمى بـ "هجر التضليل والتجهيل" السلالية، وخرجت من بوتقة الزيدية ومن مشكاة فقهائها، وتكاثرت عبر فقاساتها، وتُعد إمامية مع إضافة متطلبات العصر المتمثلة بولاية الفقيه، وتربطها بـ الفرس روابط جينية وعلاقة طائفية، وتعتبر تنظيم مكتمل الأركان من داخل البنية الزيدية، وفيروس شيعي متطابق كليًا مع نظم بيئة التشغيل الزيدية الداخلية!.


وليس ذلك وحسب، بل أن تلك الكائنات الفضائية التي ظهرت فجأة دون مقدمات -كما وصفها البعض-، هي نفسها من كانت مُسيطرة على معظم مفاصل صناعة واتخاذ القرار في العهد الجمهوري الأول، حتى أن العاصمة السياسية ومعظم المناصب الإدارية والعسكرية المتوسطة والعليا كأنت بأيدي أولئك (الكائنات الفضائية)؛ حيث أصبحت التعيينات في مواقع حساسة قائمة على ضمانات "كهنة الآل" التي يقدمونها لرئيس ورئاسة الجمهورية، لا على الفحص والتدقيق في ملفات ومؤهلات وكفاءات وارتباطات المٌعّينين!. (كما أشار أحد أمناء أمانة العاصمة عند تأبينه مؤخرًا لأحد صرعى الكائنات الفضائية المرتبطة بعصابة الكهنوتية السلالية)!.


ختامًا، حل أي معضلة يبدأ بالاعتراف بوجودها، وتحديد المسببات الجذرية المرتبطة بها، وإيجاد الحلول الشاملة الدائمة المناسبة لها، لا عبر إخفاء المسببات وتمييع الإشكاليات!. أما إذا خرج مثل ذلك الخطاب من دوائر صناعة القرار والمطابخ الإعلامية لما يسمى بـ "المقاومة الوطنية" ضد عصابة الكهنوتية السلالية، فإن ما تسمى بـ "المقاومة" ستجد نفسها في نهاية المطاف تحارب كائنات فضائية وأشباح، ويمكن التنبؤ بالنهايات المتماهية من الآن!. لذا، يجب أن يُدرك الجميع بأن الزيدية والموروث الزيدي بشقيه عبارة عن بوتقة واحدة وخرجت من مشكاة واحدة، وتعد أساس البلاء بكل تصنيفاتها وتقسيماتها وتوصيفاتها، وتٌعدَ مصدر الكارثة المدمرة لليمن أرضًا وانسانًا لقرون طويلة.