آخر تحديث :الخميس-28 أغسطس 2025-01:07ص

"الإعاشة" و"الجبايات".. نهب منظم وفضيحة دولة بلا دولة!

الأربعاء - 27 أغسطس 2025 - الساعة 11:31 م

سمية الفقيه
بقلم: سمية الفقيه
- ارشيف الكاتب


خبر صادم أشعل اليمنيين من اقصى اليمن لأدناه، فبينما اليمني البسيط ينهشه الجوع ويطحنه القهر والفقر يبحث عن لقمة خبز أو جالون ماء ب 40 دولارا شهريا، يجد أن حكومته التي تزعم الشرعية، تصرف 11 مليون دولار دفعة أولى تحت مسمى "الإعاشة"، لأشباه مسؤولين يعيشون في الفنادق خارج البلاد.


نعم، 11 مليون دولار تُحول بكل برود من بنوك عدن إلى حسابات منتفخة في الخارج، لموظفين وهميين ومندسين و"بطالة مقنعة" لا يعرفون من الوطن إلا رائحته البعيدة، بينما الموظف في الداخل يتقاضى ما يعادل 40 دولارًا بالكاد يسد رمق أطفاله.


تخيلوا، وزير واحد يتقاضى 7 آلاف دولار "إعاشة" شهرية، وسفير يتقاضى مثلها، وقنصل 4500 دولار، ووكيل محافظ 4500 دولار، وإعلامي يتلقى 2500 دولار من عرق الشعب الجائع!

أكثر من 5.7 مليون دولار تُهدر شهريًا على بطون متخمة، وأكثر من 68 مليون دولار سنويًا تُنهب من قوت الناس باسم "الإعاشة".


أليس هذا إجرامًا مركبًا؟ أليست هذه خيانة كبرى؟


أي عبث هذا؟ وأي فوضى؟ في حين يُدفع الجندي إلى الجبهة براتب لا يكفي مواصلاته،

والموظف يُرهق بطلب مضاعفة جهده مقابل فتات، و أولئك الذين فروا إلى الخارج يعيشون على حسابهم، يأكلون من قوتهم، ويكدسون الدولارات في أرصدتهم، لأنهم "أبناء نافذين" أو "أصحاب ولاءات".


كيف لحكومة تُغرق الناس في فقر مدقع أن ترسل ملايين الدولارات شهريًا إلى فنادق خمس نجوم في عواصم العالم؟

كيف تُطالب المعلّم بالصبر، والموظف بالتحمّل، والجندي بالثبات، بينما تُغذي حفنة من الفاسدين بالدولارات؟


إننا اليوم لا نواجه مجرد "فساد إداري"، بل مافيا منظّمة تمص دمنا وتبيع وجعنا بالدولار.

"الإعاشة" ليست مجرد بند مالي، إنها سلاح قتل جماعي بطيء يفتك بنا حاضرا ومستقبلا.


أما في تعز، فالأمور أكثر قبحا ونهبا، محور الإصلاح يحوّل الضرائب والجبايات إلى غنائم شخصية، ويحرم الدولة من مواردها، ومكدسًا الأموال في جيوب قيادات حزبية وعسكرية لا تكترث بمعاناة المواطنين. المواطن يدفع، والسلطة تتقاسم، والاقتصاد ينهار، والدولة بلا رقابة حقيقية على خزائنها.


حقيقة، لن يكون هناك تعافٍ اقتصادي إلا بإسقاط كشوفات الإعاشة الوهمية، وقطع يد محور تعز عن موارد الدولة. كل ما عدا ذلك، مجرد مسرحية هزيلة لتسكين الألم، بينما ينزف الاقتصاد حتى الموت.