إحدى الظواهر الاجتماعية المتفشية والمنتشرة خصوصًا في الموروث الزيدي البغيض بشقيه السلالي والقبلي (موروث رؤوس الثعابين)، يتمثل بـ تبادل الأدوار، وتوزيع المهام، وجمع المعلومات، وتناقل وتسريب الوثائق، ونشر الشائعات، والتبرير لبعضهم البعض، وتشارك تنفيذ العمليات القذرة، وتشكيل التكتلات، وتنسيق الشبكات الداخلية والخارجية، وتداول الأخبار الموجهة، وتَعقب الأحداث، واختراق أي حركات وطنية ناشئة، مرورًا إلى لعب دور الوسيط، ووصولاً إلى التحول إلى أخطبوط مجساته منتشرة في كل مكان!.
تجد أن العائلة الصغيرة المكونة من الأب والإخوة والأبناء متوزعين على مختلف الطيف السياسي (من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار) مع التركيز على القِوَى الأساسية الفاعلة والمؤثرة، ومنتشرين بين كافة الأطراف، حيث تجد الأول مع الميليشيات الكهنوتية السلالية الإجرامية، والآخر مع المقاومة الوطنية، والثالث مع الجيش الوطني، والرابع مع درع الوطن، والخامس مقيم في دولة جوار إقليمية، والآخر في دولة الجوار المقابلة، وصولاً لتقاسم التبعية مع مختلف دول الجوار على المستوى الإقليمي؛ وكل ذلك من أجل تبادل الأدوار والتنسيق المشترك بين رؤوس الثعابين!.
وبالطبع، ذلك التوزيع والانتشار وتبادل الأدوار ليس نوعًا من العشوائية أو الارتجالية أو نوع من مُسايرة القناعات الفردية والتوجهات الشخصية؛ وإنما تبادل أدوار مدروس للغاية وله تكاليفه وتبعاته الخاصة، وكل واحد يقوم بالدور المناط به ضمن حلقة العصابة المتشابكة!.
وتكاد لا تجد أي حراك أو حركة وطنية ناشئة مُطالبة بالتغيير، ومستنكرة للوضع القائم، ومناهضة للكهنوتية السلالية، ومجابهة للمورث الزيدي بشقيه، إلاّ ويتم القفز عليها واختراقها وركوب موجتها من قبل أولئك بمختلف الطرق وشتى السبل؛ وذلك لكي يتم بعد ذلك حرف مسارات تلك الحركات الوطنية وتجييرها بما يتوافق مع توجهات موروث "رؤوس الثعابين"!.
وإحدى أهم خصائص المنتميين لموروث "رؤوس الثعابين" يتمثل بـ تشويه وإقصاء والتلاعب بكل من هو خارج إطار الموروث، ويقابل ذلك إبراز عناصرهم التابعين للموروث وعمل هالة ورمزية وطنية كبيرة لهم!. تحاول جاهدًا تفتيش سجلات أولئك المهنية والتأهيلية بشقيها (المدنية والعسكرية) لمعرفة قدراتهم وكفاءاتهم وإمكاناتهم، فتجد أنها متواضعة للغاية بل متدنية؛ ورغم ذلك تجد أنهم تبوءُوا مناصب أكبر من مقاساتهم سابقًا (في الجمهورية الأولى)، ويلعبون أدوارًا فضفاضة في الوقت الراهن؛ ومن ذلك وتلك نتجت كل الخيبات والتراجعات والإخفاقات والفشل بمختلف الملفات في الساحة الوطنية!.
تعيد النظر مرتين في سجلات أوائل خريجي دفع الكليات العسكرية (الحربية والشرطة)، وكذلك المتميزين من خريجي القيادة والأركان، وتجد بأن معظمهم مهمشين ومُبعدين ومُجمدين في منازلهم أو منفيين في الخارج؛ كونهم لا ينتمون لموروث "رؤوس الثعابين"!. ثم تعيد النظر ثلاث مرات فتجد أن المتعثرين والمُخفقين من أتباع موروث "رؤوس الثعابين"، قد تم تعيينهم بمواقع متقدمة على قمة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والدفاعية (سابقًا وحاليًا)، بل أن جنديهم المنتسب لأمن حراسة المنشآت وحماية الشخصيات (ليس من خريجي الكليات العسكرية)، قد أصبح بقدرة قادر برتبة لواء ومحافظ لأهم محافظة سياسية!.
تمر مرورًا سريعاً على صفحات ومنشورات العائلة الواحدة المنتمية لموروث "رؤوس الثعابين"، فتجد أن الأول نشر منشورًا عن القبض على شحنة أسلحة مهربة للكهنوتية من قبل المقاومة الوطنية، وتجد الثاني قد أنزل صورًا داعمة للسلالية عن صواريخ الفرط الصوتي وإغراق البارجات والسيطرة على البحر الأحمر، وتجد الثالث أنزل صورته الملتحية مع أفراد قوات الجيش الوطني، أما الرابع فتجده قد وضع الرديف والشال والدجلة المشابهة لهيئة "إم شيخ" وحضر اللقاء التشاوري للقبائل في إحدى الدول الأوربية، وتجد الآخر يتحدث بمنشوره عن أهمية دور القبيلة بسبب حضورها المكثف بمواكب السيارات الفارهة والأسلحة المنهوبة من مقدرات الوطن والمواطن لتشييع جثمان أحد المشايخ -متناسيًا أنها عجزت عن حفظ كرامتها وتحرير نفسها-، وما تبقى من أفراد العائلة يتضح من خلفيات صورهم بأنهم على مقربة من برج المملكة وبرج خليفة وبرج الصحوة في مسقط، وهكذا!.
تدقق مجددًا عن بعض أسماء العائلة الواحدة المنتمية لموروث "رؤوس الثعابين"، فتجد أنهم أخذوا مقاعد المنح العسكرية لأبنائهم عندما كان الأحرار الأبطال بميادين الوغى يدافعون عن الجمهورية الأولى، وعاد أولئك الأوغاد بالرتب والميداليات والصور والأختام!. ولكن المفاجئة الكبيرة والمضحكة، عندما تقع عيناك على كشف بأسماء من أصدرت الكهنوتية السلالية بحقهم أحكام عسكرية لمحاكمتهم ومصادرة ممتلكاتهم، فيكون أحد تلك الأسماء هو حديث التخرج الذي لم يُساهم بأي معركة، ولم يطلق طلقة واحدة دفاعًا عن الجمهورية؛ علمًا بأن ممتلكاته التي تحت سيطرة الكهنوتية وصدر حكم بمصادرتها، تتمثل بالمنازل الذي فيها ديوان والده الممتد، الذي يقيم بها أخوه الآخر، ويعد مجلسه عامرًا بالدورات الثقافية السلالية، وبؤرة لتحشيد وتضليل أبناء القبائل اليمنية لأسيادهم من دخلاء الكهنوتية السلالية!.
تدرك حينها حجم التنسيق والترابط بين طرفي موروث "رؤوس الثعابين"، فهنالك يد تحشد أبناء القبائل اليمنية مع السلالية وتعمل ليل نهار على تثبيت الحكم الكهنوتي، وهنالك يد أخرى مشلولة نائمة مع أبطال الجمهورية الثانية مهمتها تتمثل بجمع المعلومات وتناقل الوثائق والإمساك بختم الطير الجمهوري وإحصاء عدد شهداء المنطقة للمساومة بها لاحقًا!. ثم أن إدراج أسماء حديثي التخرج من الكليات العسكرية ممن لم يُساهموا بأي معركة ضد الكهنوتية السلالية في كشوف المحاكمات العسكرية المعلنة قضائيًا، دليل واضح على حجم التنسيق والترابط بين طرفي موروث "رؤوس الثعابين"؛ حتى إذا رُجحت الكفة لأي طرف، تخرج بعدها المؤلفات الثورية التي تصف النضالات البطولية، وتستشهد بكشوفات من صدرت بحقهم أحكام عسكرية من قبل الكهنوتية السلالية!.
ولم يكتفوا بذلك، بل أن أفراد عائلة موروث "رؤوس الثعابين"، يجيدون حتى تغيير الهيئة والشكل بما يتناسب مع متطلبات أطراف الطيف السياسي (يمين ووسط ويسار) وما يتلاءم مع أطراف الوسط الاجتماعي، فتجد الأول أطلق لحيته في سبيل الله وفقًا لما تقتضيه المصلحة للتناغم مع اليمين، بينما الآخر حليق كليًا بما يتناسب مع متطلبات اليسار التقدمي الحداثي!.
ولم ينته المشهد عند ذلك ضمن سيناريوهات عائلة موروث "رؤس الثعابين"، فقد أصبح هناك سباق محموم للحصول على الشهادات العليا، فتجد أن أبنائهم كانوا ممن تم تسفيرهم خلسة من قبل الكهنوتية السلالية إلى قم وسوريا ولبنان لأخذ دورات مكثفة إدارية وعسكرية واستخباراتية، وتجد آبائهم العسكريين تسابقوا للحصول على شهادات عسكرية عليا من أكاديميات غير معترف بها، وذلك خلال فترة الحرب، حيث أصبح تذييل ما قبل أسمائهم يزداد طولاً يومًا بعد يوم متجاوزًا السطر (شيخ المشايخ والمراغة الدكتور اللواء الركن/)!.
وعند التأمل، تجد بأن من يحملوا موروث "رؤوس الثعابين" إحدى أيديهم تمسك بالختم الجمهوري وباليد الأخرى الدمغة الإمامية، وأحد أرجلهم موضوعة في دول الجوار الإقليمية، والرجل الأخرى مغموسة بأروقة المنظمات الدولية!. أولئك هم من جل عملهم تبادل الأدوار وجمع المعلومات وتناقل الوثائق وإحصاء عدد القتلى للمساومة بها لاحقًا عندما يخرج من ثناياهم ما يسمى بـ "التكتل الثالث"!. أولئك هم من نهبوا مقدرات الجمهورية الأولى وهربوا عند أول طلقة في صدرها، وهم من تاجروا بدماء أبناء القبائل اليمنية، وهم من ابتزوا دول الجوار بمبالغ طائلة، وهم تجار الحروب ممن أطالوا مدة المعركة وساهموا بـ الانسحابات التكتيكية، وهم من زوروا الكشوفات العسكرية، وهم من سرقوا حقوق الأحرار الأبطال وتاجروا بها، وهم من يحاولوا اليوم اختراق وتقييد وحرف مسارات الحركات الوطنية، وهم من يحاربوا كافة الوطنيين الصادقين الأحرار الذين جل مبتغاهم تحرير الإنسان والأرض اليمنية!.
ختامًا، الموروث السبئي الحِميّري معاكس كليًا للموروث الزيدي بشقيه، وبعيد كليًا عن التلون والتبدل والخداع والمخاتلة، وليس مجرد مظهر وهيئة (شال ورديف ودجلة)، وكذلك الموروث الجمهوري ليس فقط ختم حفر عليه الطير الجمهوري، وليس له شأن كذلك بالألقاب والتذييلات الطويلة التي تسبق الأسماء!. كما أنه لا يمكن تحرير أرض سبأ وحِميّر من الكهنوتية السلالية وأدواتها التاريخية القذرة بواسطة أولئك المُتبدلين المُتنقلين المٌتلونين ممن يحملون موروث "رؤوس الثعابين"، ولا يمكن أن تقوم ثورة جذرية بتواجد عناصرهم في أوساط الحركات الثورية الوطنية، ويُستحال أن تقوم دولة مؤسسات بوجودهم وتغلغلهم في مفاصل صنع واتخاذ القرار!.