في زمن الانكسار، لا تستغرب أن ترى بعض من كانوا يومًا يرفعون رايات الوطنية، يتسابقون اليوم إلى أبواب الخضوع، يتكالبون على فتات المناصب، ويسقطون عند أقدام العصابة الحوثية، متجردين من الكرامة، ومن كل ما تبقى من شرف أو انتماء.
لقد تجاوز بعض الأشخاص كل حدود التخاذل، وانغمسوا في مستنقع العبودية حدّ التحريض على القامات الوطنية الشامخة، ممن صمدوا يوم هرب الجبناء، وقاتلوا يوم باع البعض دماء رفاقهم من أجل حقيبة أو منصب زائل. لم تكتفِ تلك الفئة المأجورة بالصمت عن جرائم الميليشيا، بل أصبحت أدوات رخيصة في أيديها، تسوّق الأكاذيب، وتبث الفتنة، وتحرض على قيادات أحزابها، فقط من أجل رضا الحوثي... ورضا المال.
ما حدث ويحدث ليس مجرد سقوط أخلاقي، بل انحدار سحيق في قاع الذل، حين يتحول من كان يفترض به أن يكون في صف الوطن، إلى بوق مأجور يمارس الطعن في الظهر ضد الرموز التي كانت ولا تزال صمّام أمان المشروع الجمهوري.
وكم كانت القيادة الوطنية والتاريخية لليمن رحيمة حين تغاضت عن فساد هؤلاء، متجاوزة تفاهاتهم، مغمضة العين عن تآمرهم، فقط من أجل المصلحة الكبرى، من أجل مأرب الصامدة. لكن يبدو أن من باع نفسه بثمن بخس لا يفهم سوى لغة البيع، ولا يعيش إلا في بيئة الخيانة. فكيف لمن اعتاد الذل أن يعرف معنى الشموخ؟ وكيف لمن ارتضى أن يكون عبداً للحوثي أن يقف في صف الوطن؟
للذين ظنوا أن الطريق إلى المجد يمر عبر خنجر الغدر، نقولها بوضوح: المنصب الذي يأتي على حساب الشرف لا يُشرّف حامله، والمال الذي يُجنى من خيانة الرفاق لن يشتري احترام الناس، ولا مكانًا في صفحات التاريخ.
وإلى أولئك الذين يرتمون اليوم في حضن الميليشيا، نذكّركم: التاريخ لا ينسى، والذاكرة الوطنية لا تُخدَع. ستُسجّل أسماؤكم في خانة العار، وسيتذكركم اليمنيون كأمثلة حية على الانبطاح والوضاعة.
تبًّا للخيانة... وتبًّا لكل من باع مأرب واليمن وأحرارها بثمن رخيص.