آخر تحديث :السبت-02 أغسطس 2025-12:12ص

تحسّن مفاجئ للريال اليمني .. فرصة اقتصادية أم فخ مضاربة؟

الجمعة - 01 أغسطس 2025 - الساعة 02:57 ص

عبد الواسع الفاتكي
بقلم: عبد الواسع الفاتكي
- ارشيف الكاتب


شهد الريال اليمني خلال الساعات الماضية تحسناً طفيفاً وغير متوقَّع، حيث انخفض سعر صرف الريال السعودي إلى نحو 150 ريالاً يمنياً. ورغم الترحيب الشعبي بهذا التغيّر، أعرب مراقبون اقتصاديون عن مخاوفهم من أن يكون هذا التحسّن قصير الأجل، وغير قائم على أسس اقتصادية حقيقية.


اللافت أن هذا التحسّن لم يصاحبه أي إعلان عن دعم مالي خارجي، أو عودة لصادرات النفط والغاز، أو حتى قروض أو منح دولية جديدة، ما دفع كثيرين إلى التساؤل عن دوافعه الحقيقية.


ويرجّح محللون أن تكون للإجراءات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي اليمني في عدن، ومنها إيقاف عدد من شركات الصرافة المتهمة بالمضاربة بالعملة، دورٌ مهم في الحد من الطلب على العملات الأجنبية، وبالتالي إحداث تحسّن نسبي في سعر الصرف.


كما أن التصريح الصادم لمحافظ البنك المركزي بشأن وجود 147 جهة لا تورد إيراداتها إلى خزينة الدولة، أدى إلى ضغط شعبي واسع لمعالجة الفساد المالي، وساهم في تحريك الحراك الحكومي نحو استعادة الموارد العامة المنهوبة.


رغم ذلك، يبدي المواطنون والاقتصاديون حذراً كبيراً، متخوّفين من أن يكون هذا التحسّن جزءاً من مخطط للمضاربين وشركات الصرافة، يهدف إلى جمع العملات الصعبة من المواطنين بأسعار منخفضة، ثم رفع السعر لاحقاً لتحقيق أرباح ضخمة، كما حدث في تجارب سابقة.


المطلوب – بحسب خبراء – هو تحويل هذا التحسّن إلى فرصة لبناء استقرار حقيقي، من خلال خطة إصلاحات شاملة، تشمل:

تشديد الرقابة على سوق الصرافة والتحويلات،

استعادة الموارد العامة من الجهات المتنفذة،

ترشيد الإنفاق،

ضبط رواتب ومزايا المسؤولين،

مكافحة غسل الأموال وتعزيز الشفافية المالية،

صرف رواتب المسؤولين بالعملة المحلية،

فرض حضور حكومي فعلي في الداخل،

تقليص وترشيد النفقات الحكومية،

هيكلة السفارات والبعثات الدبلوماسية.


وعلى صعيد السوق، لم ينعكس هذا التحسّن في العملة على أسعار المواد الغذائية والتموينية، حيث يبرّر التجار تمسّكهم بالأسعار المرتفعة بأن بضائعهم تم شراؤها حين كان الريال في حالة تراجع. لكن إذا ما استمر التحسّن وثبت، فإن هذه الذريعة ستسقط، ويتوقّع حينها تدخّل حكومي لضبط الأسعار.


يبقى التحسّن الأخير في سعر الصرف فرصة يجب ألّا تُهدَر. فالاستقرار المالي والنقدي ليس هدفاً آنياً، بل مسار طويل يتطلب الشفافية، والإصلاحات المؤسسية، والثقة، والردع القانوني لكل مظاهر الفساد والمضاربة والاحتكار. وإن لم تُسارع الحكومة إلى ذلك، فقد يعود الانهيار بصورة أعنف، وبتكلفة أكبر على المواطن والاقتصاد. وحينها، قد تخسر السلطة الشرعية ما تبقّى من رصيدها الشعبي، إن بقي لها رصيد.