آخر تحديث :الخميس-24 أكتوبر 2024-07:30ص

الغيثي في لغة صادمة لإيقاض الحالمين

الثلاثاء - 18 يونيو 2024 - الساعة 04:14 م

خالد سلمان
بقلم: خالد سلمان
- ارشيف الكاتب


كان حديث الصدمة ،حجر رماها في بحيرة الوهم ، لغة صادمة لإيقاض الحالمين ، ما قاله محمد الغيثي رئيس لجنة المصالحة والتشاور ، هو مالم يستطع الحامل السياسي للقضية الجنوبية أن يكاشف به قواعده ، من أن الوصول إلى الهدف النهائي عملية سياسية نضالية تراكمية ، وإنها ليست خاضعة للرغبات الأرادوية للوصول إلى نقطة النهاية ، بضربة عصا سحرية أو بدورة عقارب الساعة دورة واحدة ، لتتمخض بعدها عن دولة جنوبية كاملة السيادة.
حجم ردود الفعل على حديث الغيثي لقناة الحدث لدى قطاع واسع من قواعد الإنتقالي ، هو خطأ التربية السياسية المؤسسة على الشعاراتية، ووهم تحقيق الهدف بلا خوض دروب وعرة ، تحتاج لنفس تفاوضي طويل وأداء رفيع، وقدرة على رسم الخطوات ومراكمة الإنجازات، وحنكة في الإقناع وتوسيع الأنصار والتحالفات ، ونقلها من حيز قضية الجنوب إلى قضية كل الوطن ، وكل قوى التأثير الخارجي من منظمات وأحزاب ودول.
خطيئة الغيثي أنه تحدث عن المسكوت، إخترق التابو التعبوي ، وأطاح بالأمنيات غير القابلة للتحقق بفترة قصيرة المدى ، ليعلن أن القضية الجنوبية ليست قضية الرئاسة ولا الحكومة ، هي قضية الإقليم والمجتمع الدولي ، وحلها لايمكن أن يتخطى هذه الدوائر الحاكمة كممر إجباري ، وإن العمل ضمن هذه الأُطر إلزامي للوصول لحل عادل، الغوثي فقط للإنصاف كان صريحاً بإنحيازه للقضية الجنوبية، والهدف النهائي “إستعادة الجنوب شعباً وهوية” حد قوله.
الغوثي في تقديري الشخصي لم يخطئ هو قال مايجب أن يكون معلوماً لدى الجميع ، وإذا كان من شيء جدير بالملاحظة في كل ردود الأفعال الغاضبة بصدق ، أن قنوات التواصل بين الإنتقالي وقواعده تفتقد إلى الشفافية، وغياب تهيئة الحواضن لمعركة شاقة متعرجة كثيرة التعقيد، مليئة بالإنتصارات والخيبات التقدم والإنكسار ثم معاودة السير إلى الأمام ، قضية متشابكة الملفات من إسقاط الحوثي وحتى الإطار التفاوضي وصولاً لإنجاز مشروع فك الارتباط ، ومعالجة القضية الجنوبية لا كمظلمة بل كقضية سياسية ، هي رمانة الميزان في ملفي الحرب والسلم في الجنوب وعموم اليمن.
إذا كان للإنتقالي رؤية أُخرى تتعارض مع ماقدمه الغوثي ، عليه أن يخرج لقواعده وأنصاره ببيان ، وإذا كانت السياقات التي عرضها رئيس التشاور هي آليات متفق عليها، فينبغي توكيدها أيضاً ببيان.
على الإنتقالي أن يعيد النظر في لغة التخاطب مع الناس ، والإنتقال بهم من بيع الأحلام سهلة التحقق ، إلى الواقعية السياسية ، ومن نهج القفز على الصعاب وإحراق المحطات والمراحل من خلال تجاهلها أو تبسيطها ، إلى المكاشفة بأكبر قدر من الوضوح ، وتجهيز بيئته الشعبية لتحديات لاتقل صعوبة وتضحوية عن إدارة جبهات القتال.
من دون ذلك ستتزعزع الثقة بين المستوى السياسي والشعبي ، ستضعف المصداقية ، بما يهيء مناخات تغذي التشظي ، وتسهل مهام الإستقطاب المشبوه للكيانات المخلَّقة الوافدة، والتي تتغذى على التململ والتيه والإحباط العام.

من صفحة الكاتب على إكس