دخلت العاصمة عدن وعدد من المحافظات المحررة مرحلة جديدة من الغلاء المتسارع، مع تسجيل ارتفاعات لافتة في أسعار المواد الغذائية خلال الأيام الأخيرة، في ظل زيادة كلفة الوقود وغياب الرقابة الفاعلة على الأسواق، بالتوازي مع حالة ارتباك اقتصادي وسياسي مستمرة بفعل الصراع الدائر في البلاد.
وأفادت مؤشرات اقتصادية بأن الأسواق تشهد تحركات سعرية غير مسبوقة، في وقت تغيب فيه أي بيانات رسمية واضحة بشأن سعر الدولار الجمركي المرتقب العمل به مطلع عام 2026، وسط توقعات غير مؤكدة تشير إلى احتمال مضاعفته، الأمر الذي يثير مخاوف واسعة لدى المستهلكين والتجار على حد سواء.
وبحسب معطيات صادرة عن شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة، فإن حالة الغموض المحيطة بالتعديلات الجمركية تفتح الباب أمام موجة جديدة من الارتفاعات، خاصة في السلع غير الأساسية، التي يُتوقع أن تقفز أسعارها بنسبة تتراوح بين 6 و7 في المائة، مع تحذيرات من استغلال بعض التجار لهذا الوضع في ظل ضعف آليات الضبط الحكومي.
ويرى اقتصاديون أن تعديل سعر الدولار الجمركي يمثل إحدى أدوات الحكومة لمحاولة تقليص الفجوة بين أسعار الصرف الرسمية والسوق الموازية، كونه السعر المعتمد لاحتساب الرسوم الجمركية على الواردات، إلا أن هذه الخطوة، رغم طابعها الإصلاحي، قد تحمل انعكاسات مباشرة على الأسعار إذا لم تُرافق بإجراءات رقابية صارمة.
وسبق أن شهد الدولار الجمركي زيادات متتالية خلال الأعوام الماضية، إذ تضاعف في يونيو 2021، ثم ارتفع مجددًا بنسبة 50 في المائة مطلع عام 2023، ضمن مساعٍ حكومية لاحتواء تدهور العملة المحلية وتعويض الانخفاض الحاد في الإيرادات العامة.
وفي محاولة لكبح التدهور، أقر مجلس القيادة الرئاسي في أغسطس الماضي خطة إصلاح اقتصادي شاملة، شملت إغلاق الموانئ البحرية غير القانونية، وضبط الإيرادات على مستوى المحافظات، وإيقاف الجبايات غير القانونية على الواردات، بهدف تعزيز الشفافية وتحسين الموارد المالية للدولة.
غير أن هذه الإصلاحات ما تزال تصطدم بعقبات كبيرة على الأرض، في ظل استمرار عمل بعض الموانئ خارج الإطار الرسمي، وعدم توريد إيراداتها إلى البنك المركزي في عدن، ما يحد من قدرة الحكومة على ضبط الإنفاق العام، وصرف رواتب الموظفين، وضمان استمرارية الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء.
وفي سياق الدعم المالي، تلقت الحكومة اليمنية دفعة أولى بقيمة 90 مليون دولار في 16 نوفمبر، مقدمة من المملكة العربية السعودية، من إجمالي 368 مليون دولار أُعلن عنها في سبتمبر الماضي، لتخفيف العجز المالي الآني وتمكين الحكومة من الإيفاء بالتزامات عاجلة، وعلى رأسها استئناف صرف الرواتب، وسط تأكيدات بأن هذه المساندة، رغم أهميتها، لا تمثل حلاً جذريًا للأزمة الاقتصادية الممتدة.