تصعيد ملحوظ تشهده دوائر النفوذ داخل مليشيا الحوثي الإرهابية في تحركات علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة الهالك حسين بدر الدين الحوثي، بعد أن أصبح يفرض نفوذه على مؤسسات أمنية وعسكرية حساسة في مناطق سيطرة الجماعة، وسط مؤشرات على إعداده كوريث محتمل لزعامة المليشيا.
مصادر متعددة أكدت أن الفتى الحوثي، الذي لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره، بات يُقدَّم في وسائل إعلام المليشيا كقائد استثنائي ورمز الجيل القادم للمسيرة، في محاولة واضحة لتلميع صورته وإكسابه شرعية سلالية تمهيدًا لتوريثه قيادة التنظيم، رغم افتقاره لأي مؤهل علمي أو عسكري.
وفي حين كان مجرد طفل أثناء انقلاب الجماعة عام 2014، أصبح في العام 2025 يحمل رتبة لواء، في خطوة اعتبرها مراقبون “مهزلة عسكرية” تكشف حجم الفساد داخل بنية المليشيا. 
القيادي السابق والمنشق عن الجماعة، علي البخيتي نشر صورتين له مع علي حسين الحوثي، إحداهما في طفولته وأخرى وهو مرتدٍ بزته العسكرية المليئة بالأوسمة، معلقًا بسخرية: “من أين له كل تلك النجمات والطيور والسيوف؟ أقرب محل خياطة وخبزوا لهم لواء".
الوريث الدموي وجهاز القمع الجديد
تؤكد التقارير أن علي حسين الحوثي أصبح اليوم المشرف الفعلي على ما يسمى بـ“جهاز استخبارات الشرطة”، وهو كيان أمني مستحدث يخضع لسلطته المباشرة خارج المنظومة المعروفة داخل الجماعة، ويمنحه صلاحيات واسعة تشمل الاعتقال والتحقيق والمحاسبة لأي قيادي أو مسؤول يشتبه بمعارضته.
ويرى مراقبون أن الهدف من إنشاء هذا الجهاز هو زرع الخوف داخل صفوف الحوثيين أنفسهم، وإعادة هندسة السلطة الأمنية بيد نجل المؤسس، بما يضمن احتكار العائلة الحوثية لكل مفاصل القوة والقرار، بدعم وتفويض مباشر من زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.
حملات اختطاف وترهيب ممنهج
منذ توليه الإشراف على الجهاز الجديد، نفذ علي حسين الحوثي حملات اختطاف واسعة استهدفت موظفين يمنيين وأجانب يعملون في المنظمات الأممية، إضافة إلى مدنيين وقيادات حوثية يُعتقد أنها لا تدين له بالولاء الكامل.
وتشير المعلومات إلى أن عدد المختطفين ارتفع بشكل كبير منذ منتصف 2024، وشمل حتى شخصيات أكاديمية وطبية واجتماعية، بتهم جاهزة مثل “العمالة” و“التجسس”.
وتستخدم الجماعة تلك الاعترافات القسرية، التي تُنتزع تحت التعذيب، لتصويرها وبثها في وسائل إعلامها لتبرير تصعيدها العسكري ضد خصومها وخلق روايات وهمية عن “خلايا تجسس” تعمل لصالح دول عربية وإسرائيل، في إطار مسرحية دعائية لإعادة إنتاج البطش تحت غطاء وطني مزيف.
تكميم الأفواه وقمع المظلومين
وبحسب تقارير حقوقية، فإن جهاز “الشرطة الاستخباراتية” بقيادة نجل مؤسس المليشيا، يمارس مهامه تحت شعار “حماية المسيرة القرآنية”، لكنه في الواقع يقمع كل من يطالب براتبه أو بحقوقه المعيشية.
فكل من يجرؤ على الاحتجاج أو الاعتصام، حتى بشكل سلمي، يتهم بـ“العمالة والخيانة”، وتتم مداهمة خيامه واعتقاله، كما حدث مع القبائل المعتصمة في صعدة للمطالبة بحقوقها المنهوبة.
تصفية داخلية وصراع أجنحة
مصادر مطلعة كشفت أن صعود علي حسين الحوثي جاء على حساب إضعاف جهاز الأمن والمخابرات الذي يقوده القيادي عبدالحكيم الخيواني (الكرار)، والذي تم تحميله مسؤولية “الاختراق الأمني الإسرائيلي” الذي ضرب المليشيا مؤخراً، وأسفر عن مقتل قيادات بارزة بينهم عبدالكريم الغماري وأحمد الرهوي.
وبهذا المخطط، تمكن نجل المؤسس من إزاحة منافسه الأكبر داخل المنظومة الأمنية الحوثية، ليتحول فعلياً إلى الحاكم الأمني الأول في صنعاء.
“اللواء الصغير” يحكم الخوف
اليوم، يدير علي حسين الحوثي شبكة أمنية أشد بطشاً وتنظيماً من أي جهاز سابق، تمتد صلاحياتها من وزارة الداخلية إلى الخارجية والأجهزة الاستخباراتية الأخرى، تحت إشراف مباشر من عمه عبدالملك.
ويرى محللون أن الجماعة تدخل مرحلة “إرهاب داخلي منظم”، حيث يتحول جهاز الاستخبارات الجديد إلى أداة لتصفية الخصوم وتكميم المجتمع، وتلميع “الوريث المراهق” الذي يُراد له أن يحمل إرث أبيه بدماء جديدة.
اليمن أمام “سفّاح جديد”
تحذّر التقارير من أن صعود نجل مؤسس المليشيا إلى الواجهة الأمنية قد يشكّل بداية لمرحلة أكثر قسوة ووحشية في مناطق سيطرة الحوثيين، خصوصًا في ظل تزايد حملات القمع والتخوين التي طالت معلمين وأطباء وناشطين ومدنيين، تحت ذريعة “التجسس”.
ويرى مراقبون أن المليشيا تسعى عبر هذا التصعيد إلى صرف الأنظار عن أزماتها الداخلية وتفككها التنظيمي، وتهيئة الأرضية لمرحلة جديدة من القمع الممنهج والدم المسفوك باسم “المسيرة القرآنية”.
