آخر تحديث :السبت-23 أغسطس 2025-03:49م
اخبار وتقارير

الأمطار الغزيرة تفضح البنية التحتية في عدن.. فساد مزمن ووعود فارغة

الأمطار الغزيرة تفضح البنية التحتية في عدن.. فساد مزمن ووعود فارغة
السبت - 23 أغسطس 2025 - 12:47 م بتوقيت عدن
- عدن، نافذة اليمن، خاص:

في مشهد لم يعد استثنائيًا بقدر ما أصبح متكررًا كل موسم مطر، عرّت السيول التي ضربت العاصمة عدن هشاشة المشاريع الخدمية التي صُرفت عليها ملايين الدولارات في السنوات الماضية. فالأمطار لم تكشف فقط عن غياب مصارف المياه وتردي الطرقات، بل فضحت فسادًا مستشريًا في تنفيذ المشاريع التي تحوّلت من كونها أملًا لإنقاذ المدينة إلى عبء إضافي يفاقم معاناة سكانها. ويجمع مراقبون على أن ما يحدث في عدن ليس مجرد كارثة طبيعية بل نتيجة حتمية لفوضى الإدارة، غياب التخطيط، ونهب المال العام.


وشهدت عدن السبت غرق عشرات الشوارع والأحياء السكنية بمياه الأمطار الغزيرة التي هطلت على مختلف المديريات، ما أدى إلى شلل شبه كامل في الحركة المرورية وتضرر عدد من المنازل والمتاجر خصوصًا في المناطق المنخفضة. وتحولت الطرق الرئيسية، وعلى رأسها الخط البحري الرابط بين عدة مديريات، إلى بحيرات مائية واسعة غير صالحة لعبور المركبات، ما تسبب بازدحام خانق في المداخل المؤدية إلى المنصورة وخور مكسر.


وأضاف السكان أن السيول جرفت الأتربة والحجارة إلى الطرقات، ما عمّق من الأضرار وعزل بعض المديريات عن بعضها وسط غياب أي تدخل عاجل من الجهات المعنية.


المشهد أثار موجة غضب عارمة بين الأهالي الذين اعتبروا ما حدث "اختبارًا فاضحًا" لمشاريع الطرقات التي نُفذت خلال الأعوام الماضية، حيث تبيّن أن معظمها افتقد لمعايير الجودة ولم يتضمن شبكات تصريف حقيقية. وأكد السكان أن غياب البنية التحتية السليمة جعل عدن تتحول إلى "مدينة منكوبة" مع كل موجة أمطار، إذ تبقى المياه راكدة لأيام طويلة مسببة أضرارًا صحية واقتصادية جسيمة.


ويفتح هذا المشهد النار على المقاولين والجهات الرسمية التي استلمت المشاريع دون رقابة أو محاسبة، وسط تساؤلات حول مصير الأموال الضخمة التي صرفت باسم التطوير والصيانة.


وتداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي صورًا وفيديوهات وثّقت غرق الشوارع والأحياء، وأرفقوها بتعليقات ناقدة وساخرة تكشف حجم الغضب الشعبي:


الناشط معتز سعيد محمد كتب: "أمطار عدن تكشف لنا يوم بعد يوم العمل العشوائي للطرقات والبنية التحتية التي كلفت مبالغ ضخمة دون فائدة.. تبين أن كل شيء مجرد حبر على ورق." فيما الناشطة رجاء علي إسماعيل غرّدت بالقول: "لم تعد المشكلة في صهاريج عدن المهملة فقط، بل في غياب من يخطط لمستقبل المدينة. كل موسم مطر يتحول إلى كابوس.. الأموال صُرفت، لكن النتيجة بنية منهارة وفساد يبتلع كل شيء."


الناشط المجتمعي هشام عبده الصوفي وصف الوضع بأنه "نكبة متجددة": "عدن مدينة منكوبة... البناء العشوائي على مجاري السيول، وفساد المشاريع، وتجاهل السلطات، كلها أسباب حولت المدينة إلى مستنقع مع أول مطر." بدوره قال الناشط فضل الجونة: "الأمطار تكشف عورة مشاريع الطرق بعدن... الطرق نفذت بلا معايير هندسية، والسلطة المحلية تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الكارثة."


وعلى وقع هذه الانتقادات، أصدر محافظ عدن أحمد حامد لملس توجيهات عاجلة لأجهزة الدفاع المدني وصندوقي النظافة والصرف الصحي للتحرك الفوري ومساندة المواطنين، عبر تصريف المياه ورفع المخلفات وفتح الطرق. كما شدّد على رفع الجاهزية وتعزيز التنسيق بين الجهات الخدمية لضمان استجابة عاجلة.


ويؤكد النشطاء أن هذه الإجراءات تأتي متأخرة، وتبقى محدودة الأثر في ظل غياب حلول استراتيجية طويلة المدى، أهمها بناء شبكات تصريف مياه أمطار متكاملة، وإخضاع المقاولين والجهات المنفذة السابقة للمحاسبة. موضحين أن ما حدث في عدن ليس نتيجة عاصفة مطرية عابرة، بل نتيجة فساد مزمن وغياب رؤية حضرية واضحة. وبينما يدفع المواطن ثمن الكوارث المتكررة، تبقى المسؤولية معلّقة بين سلطات عاجزة ومقاولين محميين، في وقت تتكرر فيه ذات المأساة مع كل موجة مطر.