كشفت تحقيقات صحفية دولية عن تورط رجل أعمال يحمل الجنسيتين العراقية والبريطانية في إدارة شبكة تهريب نفط إيراني ضخمة، تستخدم لتمويل أنشطة الحرس الثوري الإيراني وميليشيا الحوثي في اليمن.
ووفقًا لتحقيق مشترك أجرته صحيفة ذا ناشيونال الإماراتية ومنظمة iMEdD اليونانية، فإن رجل الأعمال المدعو سالم أحمد سعيد (47 عامًا)، يدير شبكة شركات معقدة موزعة بين بريطانيا ودبي والعراق، تعمل على تهريب النفط الإيراني وبيعه في الأسواق العالمية على أنه نفط عراقي، مستخدمًا طرقًا احتيالية تتضمن الرشى، التزوير، والتلاعب بمنشأ الشحنات.
تمويل مباشر للحوثيين عبر شبكة سوداء
وزارة الخزانة الأميركية أكدت أن هذه الشبكة هرّبت عشرات ملايين البراميل من النفط لصالح إيران، جنت من خلالها مليارات الدولارات تم توجيه جزء كبير منها إلى تمويل جماعات مسلحة موالية لطهران، وعلى رأسها ميليشيا الحوثي.
ويبرز في قلب الشبكة اسم عبد الجليل ملاّح، رجل الأعمال السوري المدرج على قائمة الإرهاب الأميركية منذ عام 2021، والذي تربطه علاقات مباشرة بسالم سعيد، وبتنسيق مع المموّل الحوثي الأبرز سعيد الجمل، قاما بتحويل ملايين الدولارات إلى شركة "سويد وإخوانه" اليمنية للصرافة، التي تصنّفها واشنطن كمركز محوري في تمويل قيادة الحوثيين.
دعم لهجمات الحوثيين والطائرات المسيّرة
الوثائق الأميركية تؤكد أن هذه الشبكة موّلت هجمات حوثية استهدفت سفنًا تجارية في البحر الأحمر، وساعدت في إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة باتجاه دول الجوار، ضمن خطة إيرانية لتقويض الأمن الإقليمي.
وبحسب التحقيق، فإن السفن المرتبطة بسعيد وملاح تنقل شحنات النفط عبر شركات وهمية، وتبيعها في السوق السوداء بأسعار مخفضة، فيما يتم تحويل العائدات عبر مسارات مالية مظلمة إلى شبكة سعيد الجمل، المسؤول عن تمويل الحوثيين.
واجهات قانونية لفنادق فاخرة في لندن
المثير أن سالم سعيد يدير من لندن شركتين تمتلكان فندقين فاخرين هما "ذا غينزبورو" و"ذا إكزبيشنيست"، وتبلغ قيمة أصولهما أكثر من 27 مليون جنيه إسترليني. وتقول التحقيقات إن هذه الفنادق تشكل واجهات قانونية لـ"غسل أموال" عمليات التهريب، بينما يتم تشغيل النشاط البحري عبر شركات في دبي والخليج.
ورغم إدراج شركاته ضمن قائمة العقوبات الأميركية، فقد أبدى بعض موظفيه في لندن "ذهولهم" من هذه الاتهامات، مدّعين أنهم لم يكونوا على علم بنشاطه النفطي، بل يعرفونه فقط كـ"رجل فنادق راقٍ".
شركاء الحرس الثوري وداعمو روسيا
كما تبين أن بعض سفن سعيد كانت تسهل شحنات نفط لصالح شركة "سهارا ثاندر"، وهي الذراع البحرية للحرس الثوري الإيراني، والتي تلعب دورًا محوريًا في تسليح روسيا بالطائرات المسيّرة الإيرانية في حربها ضد أوكرانيا.
تحذير أميركي: الشبكة تهدد الأمن الإقليمي والدولي
السلطات الأميركية شددت على أن تفكيك هذه الشبكة العابرة للحدود بات ضرورة أمنية، ليس فقط للحد من تمويل الحوثيين، بل لوقف تدفق الأموال إلى جميع الأذرع الإيرانية في المنطقة، والتي تهدد الأمن العالمي.
ولا يزال سالم أحمد سعيد يلتزم الصمت، بينما تتسارع الضغوط الدولية لكشف جميع أطراف الشبكة التي حوّلت تجارة النفط إلى آلة تمويل للإرهاب والفوضى في الشرق الأوسط، وعلى رأسها اليمن.