في تصعيد جديد يُنذر بتفاقم الصراع السياسي والعسكري في محافظة حضرموت، لوّح العميد الركن سعيد أحمد المحمدي، رئيس الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت، باستخدام القوة المسلحة لفرض ما وصفه بـ"إرادة أبناء حضرموت"، داعيًا قوات النخبة الحضرمية، مدعومة بالقوات الجنوبية، إلى التدخل "لحماية المحافظة من مشاريع الهيمنة والتقسيم".
جاءت تصريحات المحمدي على خلفية التوترات المتزايدة بين المجلس الانتقالي والسلطة المحلية بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش، رئيس حلف قبائل حضرموت، في مشهد يعكس اتساع الهوة بين المكونات الجنوبية وتضارب المشاريع السياسية في المحافظة الغنية بالثروات.
في تصريحه الصحفي، قال المحمدي إن "حضرموت تمر بمرحلة دقيقة يجري فيها استهداف نسيجها الاجتماعي والسياسي"، متهمًا أطرافًا لم يسمّها بالسعي لتفكيك المجتمع الحضرمي وإضعاف حضوره في المشهد الوطني، من خلال "مشاريع مشبوهة تضرب التماسك الداخلي وتسعى لفرض وصاية خارجية".
المحمدي أشار بوضوح إلى أن اللجوء إلى القوة بات خيارًا مطروحًا لدى المجلس الانتقالي، ما لم يتم التراجع عن التحركات التي وصفها بـ"الانقلابية" على الإرادة الجنوبية. وقال: "الوقت قد حان لتدخل حاسم من قبل قوات النخبة الحضرمية لفرض أمر واقع يعبر عن الإرادة الشعبية، واستعادة القرار السيادي في وجه محاولات الإخضاع".
يأتي هذا التصعيد في وقت أعلن فيه الشيخ عمرو بن حبريش، رئيس حلف قبائل حضرموت، عن ترتيبات ميدانية لتشكيل قوة عسكرية قبلية تعمل ضمن مناطق حضرموت، في خطوة عدّها الانتقالي تهديدًا مباشرًا لنفوذه، و"محاولة لإعادة إنتاج قوى الشمال في ثوب قبلي".
ويرى مراقبون أن حضرموت باتت ساحة مفتوحة لتصادم المشاريع، بين من يدفع باتجاه تعزيز الحكم الذاتي الجنوبي تحت مظلة الانتقالي، ومن يرى أن تمثيل حضرموت يجب أن يكون مستقلًا عن أي هيمنة قادمة من عدن أو صنعاء على حد سواء.
وفي ظل غياب أي تحرك جاد من مجلس القيادة الرئاسي، الذي يكتفي حتى الآن بمراقبة التطورات دون تدخل حاسم، تتصاعد التحذيرات من احتمال انزلاق حضرموت إلى مواجهات مسلحة داخلية، خاصة في ظل الانتشار الموازي لقوات النخبة من جهة، وقوات القبائل التي يسعى بن حبريش إلى تشكيلها من جهة أخرى.
ويخشى كثيرون أن يؤدي تضارب المشاريع المسلحة إلى تفكك المنظومة الأمنية في المحافظة، ويمنح فرصًا متزايدة لعناصر التطرف والتهريب للعودة من جديد إلى المناطق المتوترة.
حضرموت التي لطالما وُصفت بـ"الرقم الصعب" في معادلة الجنوب، تبدو اليوم على حافة الانفجار. فبين مطالبات بالتمكين الذاتي، وتحذيرات من مشاريع الهيمنة، وسكوت السلطة المركزية، تتعاظم المخاوف من أن تكون المحافظة التالية في سلسلة الانهيارات إذا لم يُبادر الفرقاء إلى تغليب صوت العقل على صوت السلاح.