آخر تحديث :الخميس-17 يوليو 2025-02:22ص

ضبط المقاومة الوطنية لشحنة الأسلحة الإيرانية الضخمة .. أبعاد استراتيجية ورسائل متعددة

الأربعاء - 16 يوليو 2025 - الساعة 11:52 م

عبد الواسع الفاتكي
بقلم: عبد الواسع الفاتكي
- ارشيف الكاتب


كشفت قوات المقاومة الوطنية عن ضبط شحنة ضخمة من الأسلحة الإيرانية قدرت بحوالي 750 طنًا، كانت في طريقها إلى ميليشيات الحوثي.


تضمنت هذه الشحنة منظومات دفاع جوي ورادارات وصواريخ بحرية وجوية ومضادة للدروع ومدافع من طراز B-10، وأجهزة تصنت، وعدسات تتبع وقناصات، ومعدات عسكرية متنوعة.


يأتي إرسال هذه الشحنة في توقيت بالغ الحساسية، حيث تعرضت إيران في شهر يونيو الماضي لسلسلة من الضربات الجوية الإسرائيلية والأمريكية، استهدفت مراكزها العسكرية والنووية والحيوية في الداخل، وقبل ذلك أذرعها في الإقليم.


جاءت هذه العملية لتعكس رغبة إيرانية في استعادة توازن الردع من خلال تنشيط وكلائها المسلحين، وفي مقدمتهم الحوثيون.


إن استمرار دعم طهران للحوثيين بأسلحة نوعية متطورة يظهر بما لا يدع مجالًا للشك أن إيران لا تنظر إلى الحوثيين كمجرد ميليشيا محلية، بل كذراع استراتيجية يمكن استخدامها بفعالية في مفاوضات البرنامج النووي، وفي خلق توازنات جديدة في الإقليم.


فإيران تحاول عبر هذا الدعم أن تضع على الطاولة أوراقًا تعزز من قدرتها التفاوضية أمام الغرب، مفادها أن أي ضغوط إضافية على إيران ستقابل بتصعيد في المناطق الحيوية، وأبرزها البحر الأحمر وخطوط الملاحة الدولية.


ربط هذه الشحنة بالتصعيد الحوثي الأخير في البحر الأحمر وخليج عدن ليس اعتباطيًا؛ فقد تزامن ضبطها مع عودة أنشطة القرصنة الحوثية واستهداف السفن التجارية، بل وإغراق بعضها.


وهي عمليات تحمل بصمة إيرانية واضحة من حيث التوقيت والأسلوب؛ فإيران تستثمر الموقع الجيوسياسي للحوثيين بالقرب من باب المندب كأحد أهم المضائق البحرية لتوظيفه في ابتزاز المجتمع الدولي.


ضبط هذه الكمية الهائلة من الأسلحة لا يمثل فقط إحباطًا لعملية تهريب، بل يعكس تطورًا نوعيًا في قدرات المقاومة الوطنية الاستخباراتية واللوجستية والعملياتية.


القدرة على تعقب مثل هذه الشحنة واعتراضها قبل وصولها إلى مستلميها تعني أن هناك شبكة استخباراتية فاعلة وقادرة على كشف خطوط الإمداد الإيرانية وقطع أوصالها في الوقت المناسب.


وهذا يمنح الشرعية والمقاومة أدوات أكثر فاعلية لتحجيم نفوذ الحوثيين عسكريًا.


ضبط المقاومة الوطنية لشحنة الأسلحة الإيرانية الموجهة للحوثيين يعد خسارة ميدانية تتجلى في حرمانهم من أسلحة كان من شأنها أن تعزز قدراتهم الدفاعية والهجومية، وخسارة استخباراتية نتيجة اكتشاف خطوط تهريبهم، ما سيجبرهم على إعادة تقييم قنوات الدعم، وربما يدفعهم نحو مزيد من العزلة والتخبط الميداني.


ما تؤكده عملية الضبط أن إيران رغم خسائرها المتزايدة لا تزال تراهن على أذرعها المسلحة في الإقليم، وترى في الحوثيين ورقة استراتيجية قابلة لإعادة التفعيل متى ما استدعى الأمر.


وتثبت أيضًا أن طهران لا تفرط بسهولة في أذرعها، بل تعمل على تعزيزها وتحصينها كلما ضاق الخناق عليها، سواء سياسيًا أو عسكريًا.


إن ضبط شحنة 750 طنًا من الأسلحة الإيرانية الموجهة للحوثيين ليس مجرد حدث عابر، بل مؤشر خطير على أن اليمن، وبالأخص البحر الأحمر، سيبقى ساحة مركزية في لعبة الشد والجذب بين إيران والمجتمع الدولي.


وعلى القوى الوطنية والإقليمية استيعاب هذه الحقيقة، وتطوير استراتيجيات ردع ذكية تتناسب من حجم التهديد وتعقيداته.