آخر تحديث :الإثنين-16 يونيو 2025-09:12ص

حين تُقصف إسرائيل وتتهاوى طهران

الإثنين - 16 يونيو 2025 - الساعة 12:46 ص

نزار الخالد
بقلم: نزار الخالد
- ارشيف الكاتب


من الصعب أن تجد عربياً – مهما كان انتماؤه أو موقعه – لا يشعر بالارتياح حين يرى الصواريخ تتساقط على الكيان الصهيوني الغاصب، الكيان الذي ما فتئ يرتكب الجرائم منذ تأسيسه على أنقاض الحق الفلسطيني. هذا الشعور ليس وليد لحظة، بل هو تراكُم عقود من القهر والمجازر والاحتلال، حيث بات مشهد سقوط صاروخ في تل أبيب بمثابة انتقام رمزي يشفي صدور المظلومين.

لكن، في الطرف الآخر من المشهد، هناك صورة لا تقل إثارة ولا خطورة: النظام الإيراني الذي لطالما تغنّى بالمقاومة والممانعة، ها هو اليوم يتهاوى أمام الضربات، وتسقط أركانه واحدة تلو الأخرى. لا يمكن لأي مواطن شريف أن يشعر بالحزن على منظومة سلطوية جعلت من الطائفية مشروعاً، ومن التمدد على حساب الشعوب هدفاً، ومن إذلال الداخل وتفجير الخارج استراتيجية ثابتة.

هذا النظام لم يكتفِ بإفقار الشعب الإيراني – الذي يتجاوز تعداده 90 مليون نسمة – من خلال عسكرة الدولة وتغذية مشروع نووي كلّف المليارات على حساب الخبز والدواء، بل صدّر الكارثة إلى الجوار العربي، من العراق إلى اليمن، ومن لبنان إلى سوريا، حيث زرع المليشيات وأشعل الفتن ومزق النسيج الاجتماعي.

في اليمن، ولدت المأساة الحوثية من رحم هذا المشروع، مدججة بالشعارات والخرافات والسلاح الإيراني، لتسفك الدم وتدمر الدولة وتخنق الحياة ،وفي العراق، قُتل الشباب في الساحات تحت أقدام المليشيات الموالية لطهران، وفي لبنان اختُطفت الدولة لصالح سلاحٍ لا يؤمن بالوطن. أما سوريا، فشهدت أبشع تحالف بين براميل النظام وطائرات الحرس الثوري.

قد تسقط مئات الصواريخ على إسرائيل، ويُقتل عشرات في مشهد عسكري يُضخَّم إعلامياً، لكنه لا يغير موازين التاريخ.

ما يحدث اليوم داخل إيران، من خسائر في البنية العسكرية، ومقتل قادة وعلماء، وانكشاف المشروع الطائفي، فهو زلزال حقيقي يهز أركان "الإمبراطورية" التي توهمت السيطرة على المنطقة.

لقد آن أوان كشف الحقائق: أن لا القدس تحررت، ولا الشعوب تنعّمت، بل تحوّلت "قضية الأمة" إلى غطاء لأنظمة تنهب وتقتل وتقمع، باسم المقاومة تارة، وباسم الطائفة تارة أخرى. والنتيجة: خراب بالداخل، وخراب في الجوار.

السؤال اليوم لم يعد: من يقصف أكثر؟

بل: من يخدع أقل؟

ومن يملك مشروعاً حقيقياً لنهضة الشعوب، لا مشروعاً للموت باسم الدين أو المقاومة.

وسط الاحداث المتسارعة يدرك الساسة أن المنطقة تتغير، والأقنعة تسقط، والشعوب بدأت تميّز بين مَن يرفع السلاح لتحرير الأرض، ومَن يرفعه لتوسيع الهيمنة ،وبين مَن يبني لأجل وطن، ومَن يهدم لأجل سلطة. وربما آن الأوان لأن نقولها بصوت عالٍ: لا عدوّ أخطر من أولئك الذين يتاجرون بدماء شعوبهم وقضايا أمتهم ولهذا مهما هل بإيران لا أسف عليهم ولن يحزن عليهم إلا من كانوا في فلكهم يسبحون .