آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-03:25ص

عن انتصار الحوثي وضياع الفرصة

الجمعة - 09 مايو 2025 - الساعة 03:25 ص

عمار علي احمد
بقلم: عمار علي احمد
- ارشيف الكاتب


بعيداً عن ادعاءات ومزاعم جماعة الحوثي باعتبارها لاتفاق وقف الهجمات بين أمريكا والحوثي الذي أعلنته مسقط بأنه "انتصار" ، وتشاؤم بعض خصوم الجماعة عن ضياع فرصة أخرى لهزيمتها ، الا أن الحقيقة غير ذلك تماماً.

فالحقيقة الثابتة والتي تدركها الجماعة ويجب ان يتذكرها دائما خصومها هي ان هزيمتها لم ولن تأتي على يد الخارج ابداً ولن تُهزم عسكرياً من الجو، وهو امر أكدته سنوات الحرب من مارس 2015م الى اتفاق الهدنة ابريل 2022م.

فهزيمة الجماعة الحوثي لم ولن تأتي الا في الأرض وعلى يد "اليمنيين" اكانوا أعداء مقاتلين لها في الجبهات ، او ناقمين عليها من الداخل وهؤلاء تحديداً هم الرعب الحقيقي للجماعة.

تدرك الجماعة الحوثية الحقيقة الثابتة بهشاشة وضعف الأرضية التي تقف عليها ، وان تمددها على جغرافيا اليمن منذ 2011م جاء بعوامل وظروف عديدة خدمتها ولم يكن نتاج قوتها العسكرية أو لسحر وتأثير مشروعها المتخلف ، وأول وأهم هذه العوامل كان تفرق وتشتت خصومها.

ونعلم جميعنا بل نُجمع أن فساد وعبث وفوضوية أداء الشرعية خلال السنوات العشر الماضية في المناطق المحررة مثل أهم عامل لبقاء ووجود الجماعة الحوثي وترسيخ قبضتها على مناطق سيطرتها شمالاً.

ورسخت الجماعة الحوثية هذه القبضة على مناطق سيطرتها عبر وضع مقارنات أقرب للمغالطات بين وضعها ووضع المناطق المحررة أمنياً بتقديم احتكارها للقمع والبطش على أنه "استقرار أمني" واقتصادياً بتقديم وهم استقرار الصرف على انه "استقرار اقتصادي".

وهنا يمكن الجزم بأن الجماعة هي من سارعت الى فتح نافذة عبر عُمان للتفاوض مع إدارة ترامب ليس فقط لوقف الهجمات بالبحر ، بل لوقف كامل للمواجهة مع إدارة الأخيرة التي دشنها بإدراجها ضمن قوائم المنظمات الإرهابية وصولاً الى شن حملة جوية عنيفة عليها بأكثر من 1712 غارة وقصف بحري خلال 50 يوماً كما قال زعيم الجماعة في خطابه الخميس.

وفي حين تؤكد الجماعة الحوثية عدم تضررها عسكرياً من ذلك ، وربما يكون ذلك صحيحاً الا أنه يمثل جزء من الحقيقة فقط ، فالضرر الاقتصادي والمالي هو أخطر ما تخشاه الجماعة من المواجهة غير المتكافئة مع أمريكا ، فضرر العقوبات الناتجة عن التصنيف اخطر من كل اثار القصف والغارات.

فتداعيات تدمير واستهداف أمريكا وإسرائيل لاحقاً لمصادر تمويل الجماعة الحوثية أخطر عليها من تدمير مخازن الصواريخ والمُسيرات ، فبدون مال لا يمكن لها ان تعوض ما تخسره او حتى بان تستمر بالمواجهة.

وكان واضحاً أن صراخ الجماعة على تدمير ميناء رأس عيسى النفطي فاق على خسارتها الفادحة من قياداتها وخبراء في مجال الصواريخ والمُسيرات والذين لا تزال تتكتم على مصيرهم.

وهنا نستذكر كيف خرج زعيم الجماعة الحوثية العام الماضي مُهدداً السعودية بقصف موانئها مطاراتها وبنوكها خوفاً وذعراً من قرارات البنك المركزي في عدن ، وهي تهديدات لم تطلقها الجماعة في طيلة سنوات الحرب السبع.

الأمر اللافت ايضاً كان حجم الذعر لدى الجماعة الحوثية من وجود "جواسيس وعملاء" في مناطق سيطرتها وتحذيرات قياداتها المستمرة اثناء الغارات الامريكية رغم ادراكها عدم صحة ذلك ، الا أن الامر يعكس عقدة الخوف لدى الجماعة من أي تحرك مجتمعي او بوادر تمرد في مناطق سيطرتها.

ومن هذه الزاوية أظهرت الجماعة قلقاً واضحاً اثناء الغارات الامريكية من التقارير الأمريكية التي كانت تتحدث عن خطط لدعم واشنطن لشن قوات الشرعية عملية برية ضدها ، ووصل حد اصدار قيادات بالجماعة الحوثية لخطاب ترجي ومغازلة للجانب الأخر بعدم التورط في ذلك.

الخلاصة:

ان الاتفاق وما قبله عزز من اظهار الهشاشة العسكرية والوجودية للجماعة الحوثية رغم ما تظهره من قوة عسكرية الا أن تبقى مستندة على أرضية غير مستقرة وراسخة ، وان مسألة هزيمتها واختفائها من المشهد باليمن يمكن ان يكون سهلاً وهادئاً بصورة لا تختلف عن صورة ظهورها على هذا المشهد.


عمار علي أحمد