آخر تحديث :الثلاثاء-12 نوفمبر 2024-02:48ص

وجوه مصرية لا تنسى (27 ــ 30)

الأربعاء - 09 أكتوبر 2024 - الساعة 12:59 ص

د. ثابت الأحمدي
بقلم: د. ثابت الأحمدي
- ارشيف الكاتب


لافتات سبتمبرية


إلى جانب شخصية الزعيم العربي الخالد جمال عبدالناصر، رحمه الله، ثمة شخصيات مصرية أخرى، لها دور وطني تاريخي تجاه الشعب اليمني، لن ينساها الشعب أبد الدهر.


1ــ فتحي الديب: 1923 ــ 2003م

أول ضابط مصري يتكفل بملف اليمن في العام 1953م عقب ترؤسه دائرة الشؤون العربية في جهاز الاستخبارات العامة المصرية الذي ساهم في تأسيسه، وقد أوكل إليه الرئيس ناصر إعداد خطة لتحرير دول الوطن العربي من الاستعمار. وقام الديب بإنجاز هذه المهمة، وبموجب هذا التكليف كانت إذاعة "صوت العرب" التي أسسها المذكور، ومثل المذيع صوتها العروبي الجهور. كما قام بالاتصال المباشر بالعناصر الوطنية اليمنية في مصر، وعلى رأسهم القاضي محمد محمود الزبيري، المقيم في القاهرة آنذاك.

اتصل الديب مبكرا بالرموز الوطنية سواء في مصر أو في اليمن، كالزبيري ونعمان في القاهرة ثم التواصل مع المقدم الثلايا في اليمن للإعداد لثورة شعبية كان يُفترض أن تكون في منتصف العام 1955م؛ لكنها فشلت بالانقلاب المستعجل، وغير المدروس، وقد زار الديب الإمام أحمد في أكتوبر من نفس العام ضمن الوفد المصري الذي عمل مع الوفد السعودي أيضا لإقناع الإمام أحمد بخفض حمام الدم تجاه الأحرار الذي كان ينوي الإقدام عليه.

قال عنه السكرتير الخاص بالرئيس جمال عبدالناصر: كانت اليمن هي نقطة الانطلاق الأولى في النشاط العربي الذى كلف بإدارته السيد فتحى الديب الذى استعان بإمكانيات المخابرات العامة في التحضير الجيد لهذا التحرك. فقد استعان بأفرع الجهاز في حصر القيادات السياسية اللاجئة بالقاهرة، والتعرف عليها، وكذا العناصر الطلابية التي كانت تتلقى الدراسة في القاهرة، إلى جانب جمع أكبر قدر من المعلومات عن العناصر المصرية المنتدبة أو المعارة للعمل في أرجاء الوطن العربي بما في ذلك اليمن، وقد قمنا من ناحيتنا في القسم الخاص بالمخابرات العامة ــ وكنا نحن مسئولين عن الداخل ــ بمعاونة فتحي الديب في التعرف على العناصر السياسية والطلابية ذوى الاتجاه الوطني والقومي من بين الوافدين العرب في مصر، وكذا المصريين المُعارين للبلاد العربية. وهكذا كانت زيارة فتحي الديب لليمن في أكتوبر 1953م، مستندة إلى قدر لا بأس به من المعلومات، يمكن أن تكون كافية لتوفير رؤية واضحة للتحرك ليس في اليمن فقط؛ بل في محميات الجنوب العربي التي كانت خاضعة في ذلك الوقت للحكم والاستعمار البريطاني، وكانت عدن في ذلك الوقت تمثل محطة الوصول الوحيدة للسفر بالطائرة إلى اليمن.


2ــ الصاغ/ الرائد: صلاح سالمالمحرزي: 1930 ــ 2010م

اتصل باليمن من وقت مبكر، حيث زار الإمام أحمد إلى قصره في تعز في يوليو 1954م، على رأس وفدٍ يشرح للإمام أحمد طبيعة ثورة يوليو المصرية التي لا تستهدف أي نظام من الأنظمة؛ بل تسعى لمساعدة الأنظمة العربية للنهوض بأبناء شعوبها، وتجاوز الكثير من العقبات، وقد اقترح على الإمام أحمد انفتاحه على بقية الأنظمة العربية، من أجل تحقيق حالة من التضامن العربي تجاه المخاطر التي تهدد الأمة العربية. ولما تظاهر الإمام أحمد بتخوفاته من التهديدات البريطانية في جنوب الوطن آنذاك أبدى الرائد صلاح سالم تعاون القاهرة مع الإمام أحمد من أجل تجاوز هذه التهديدات، خاصة بعد أن زار محافظة البيضا، والتقى بعض مشايخها، واستمع منهم، وفعلا ساعدت مصر عبدالناصر الإمام أحمد بالأسلحة التي كدسها في مخازنه، ولم يستخدمها ضد البريطانيين.

رجع إلى مصر، مواصلا عمله العروبي، وفي يناير من العام 1957م عاد إلى اليمن مرة أخرى ضمن بعثة عسكرية لتدريب الجيش اليمني، وإلى جانبه كل من: العقيد حسن فكري الحسيني، والنقيب عادل السيد، والنقيب محمود عبد السلام، والملازم نبيل الوقاد.

كان الرائد صلاح المحرزي كبير معلمي البعثة العسكرية في اليمن وقائد كتيبة مشاة، حتى قام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، فأصبح بعدها رئيس استطلاع القوات المصرية ومسؤول شئون قبائل اليمن، وقرر الرئيس ناصر إبقاء هذه البعثة في اليمن بعد الثورة، لتدريب جيش الجمهورية الجديد. وقد تعرض المحرزي لعملية اغتيال بالسم من قبائل بعض أبناء القبائل، وكاد يفارق الحياة لولا إسعافه في اللحظات الأخيرة. وكان المذكور ممن شهدوا مختلف المعارك اليمنية في كثير من الجبال والسهول والوديان مع فلول الرجعية الإمامية.

كما كان من دعاة التوافق والصلح بين السلال من جهة والرموز القبلية اليمنية التي اختلفت معه من جهة أخرى.

وهكذا انتهت مهمة اللواء أركان حرب صلاح سالم المحرزي في اليمن بعد أربع زيارات في مهمات عسكرية إلى اليمن التي قاد فيها خمس كتائب عسكرية، مساهمًا في دحر فلول الإمامة، وإرساء النظام الجمهوري.


3ــ الملازم نبيل الوقاد: 1936 ــ 1962م

أستاذ علي عبدالمغني في الكلية الحربية، وأحد أبرز المعلمين الذين تأثر بهم، وهو كذلك أستاذ المناضل يحيى مصلح وحمود بيدر وإبراهيم الحمدي وآخرين من الأحرار قبل قيام الثورة؛ حيث تولى الإشراف على مدرسة صف الضباط باليمن، وأول شهيد مصري في اليمن، من الضباط المصريين الأحرار الذين تشربوا قيم النضال والحرية والانتماء لروح العروبة من وقت مبكر؛ لهذاغادر منزله بمصر، في مهمته العربية/ العروبية إلى اليمن، ولا يزال عريسًا؛ إذ لم يمض على زواجه غير أقل من ثلاثة أشهر فقط..!

كان صديقا شخصيا للرئيس جمال عبدالناصر، وكان ذا كفاءة عسكرية عالية؛ لذا اعتمد عليه في مهمات عسكرية معقدة، منها مهمة اليمن، سواء قبل قيام الثورة أم بعدها.

وكان من أوائل الضباط المصريين الذين وصلوا إلى اليمن عقب قيام الثورة مباشرة قبل وصول كتائب الجيش المصري، فقضى بعض الأعمال المتعلقة به في صنعاء، ثم تلقى على إثرها أمرًا من قيادة الثورة بالهبوط بالمظلات في منطقة عمليات خطيرة، وذلك لمواجهة إحدى الجبهات الإماميّة في صرواح فقتل فيها فورا، عقب قيامه بتنفيذ عمليته العسكرية هناك.

ولدت له بنت بعد وفاته اسمها نبيلة، وتقيم حاليا في القاهرة. وقد سمي الشارع الذي كان يسكن فيه بشارع نبيل الوقاد.


العقيد طيار محمد حسني مبارك: 1928 ــ 2020م

كان العقيد طيار أ. ح. محمد حسني مبارك أثناء قيام الثورة اليمنية قائدًا لسربٍ يُدعى "مبارك"، وكان من الطائراتِ الروسية، قاذفة القنابل الثقيلة، طراز "توبلوف"، وهي الطائرات الحديثة آنذاك والتي كانت تقلع من مصر، وتتوجه صوب اليمن، لتدمير مواقع القوات المعادية للثورة، وبعدها تعود إلى المطارات المصريّة، دون حاجة لإعادة التزود بالوقود خلال رحلتها الطويلة إلى اليمن، ذهابًا وإيابًا.

ذكر هذا الفريق عبدالمنعم خليل في كتابه "حروب مصر المعاصرة"، وهو أحدُ الضباط الكبار، الذي كان رئيس عمليات القوات العربيّة في اليمنِ عقب الثورة، في سياقِ حديثه عن حاجة الجيش المصري في اليمنِ للطائرات، وموافقة المشير عامر على تخصيصِ عناصر من الطائرات الروسية، بعيدة المدى "أنتينوف/ تي يو 16"، لتقومَ من مطاراتها بمصر، لتلبية طلبات الجيش والعودة إلى مصر. وكان الاسم الكودي الذي اصطلحت عليه القيادة العامّة هو "مبارك" "وكان يقود هذا السّرب العقيد طيار أ. ح. محمد حسني مبارك".

مضيفا: وأذكرُ أوّلَ طلعةٍ لمبارك إلينا كانت يوم 7 ديسمبر 1962م، ثم تكررت بعد ذلك حسب الطلب، وشاء الله ــ سبحانه وتعالى ــ أن ألتقيَ بالرجل بعد ثماني سنواتٍ في أثناء اجتماع الرئيس السّادات بالقادة والضباط يوم 12 مايو 1971م، وعلى الغداء بالكليّة الجوية في بلبيس.


عبدالمنعم خليل: 1921 ــ 2022م

رئيس عمليات القوات العربية في اليمن، وأحد كبار الضباط الميدانيين الذين أبلوا بلاء حسنا في مختلف المعارك في جحانة وخولان والعرقوب وأرحب، وتعرض للاغتيال أكثر من مرة. كما عمل إلى جانب ذلك في نهاية العام 1965م قائدًا لوحدات المظلات، وقائدا للاحتياطي العام في صنعاء، وخلال هذه الفترة استطاع أن يفتح الطريق الرئيسي إلى الجوف، وتأمين المنطقة كاملة، وأبلى بلاءً حسنًا في مختلف الجبهاتِ التي قادَ فيها العمليات العسكرية.

د. ثابت الأحمدي