آخر تحديث :الإثنين-29 أبريل 2024-08:54م

علموا أبناءكم.. وساهموا بتوعية مجتمعكم!

الثلاثاء - 16 أبريل 2024 - الساعة 04:06 ص

همدان الصبري
بقلم: همدان الصبري
- ارشيف الكاتب


وجدت البعض ممن يغلب عليهم الجهل المركب واللاوعي، يتباهى بأن أجداده عملوا مع العثمانيين، والبعض الآخر يتفاخر بولاية أجداده للفرس، وآخرون يزهون بأن أجدادهم كانوا كـ عمال مع أئمة الفقر والجهل والمرض؛ وكل ذلك يمثل نفس منطلقات الخلافة والولاية والعكفوية السابقة والحالية!. كما أن البعض يرى بأن العمل والتعاون مع كل من سبق (الأتراك، والفرس، والأئمة البغيضة) ضد الأرض والوطن وضد أبناء الشعب، تمثل قناعة فردية، وتعتبر عملية اختيارية براغماتية بما تقتضيه الظروف والمصلحة!. ومنطقياً عند كل ذي عقل، كل تلك ليست مدعاة للفخر، ولا رمزية للتباهي، ولا منطلق للزهو، وإنما هي وصمة الذل والتبعية، ودلالة المهانة والدناءة، وعلامة العبودية والعكفوية، ولا تستحق الإعلان والإظهار بقدر ما تستحق الستر والتغطية والإخفاء والدفن!.

علموا أبناءكم بما فعله الغزو العثماني وما صنعه في الدول العربية من فقر وجوع ومرض ومهانة، ومحاولة لطمس كل شيء تحت عباءة الدين والخلافة!. نبهوا أبناءكم بأن إحدى محطات الخمود الأدبي العربي الرسمي، والشلل الثقافي، والتبلد الحضاري، كان في جزء من العهد العثماني نتيجة أسباب سياسية (الحكام وحاشيتهم كانوا أعاجم)، ونتيجة تخلي الدولة وغياب التمويل المؤسسي الممنهج؛ ولم يستعد الأدب العربي بعض وهجه إلا في أوساط القرن التاسع عشر!. فقهوا أبناءكم وأحفادكم بأن من وظف الدين ورفع شعار الخلافة الإسلامية لقرون طويلة، وحاول إذابة جميع القوميات وصهرها لمصلحته، هو نفسه أول من دعا إلى القومية -أو بالأصح أخرج القومية المخفية- في القرن التاسع عشر (بل ومنعت الحروف العربية)؛ وكردة فعل لذلك ظهرت القومية العربية، وبرزت كذلك الشخصية العربية الخالصة!. فهموا مجتمعاتكم بأن أول جامعة أُسست في إسطنبول كانت في القرن الرابع عشر الميلادي، ولكن في الوقت ذاته وبعد مرور خمسة قرون لم تؤسس أي جامعة في أكبر ولايتها العربية (وكان هنالك بعض الكتاتيب والمدارس البسيطة فقط)، ولم يتم ذلك إلا بعد خروجهم، وذلك أكبر دليل قاطع أنها كانت تحكم بالقومية العثمانية، وتستغل شعار "الخلافة الإسلامية"!.

لقنوا أبناءكم عن نظرة الفرس التاريخية للعرب، وعن تجليات العدائية فيما كتبه بعض أدبائها وشعرائها عن العرب سابقاً!. ثقفوا محيط مجتمعكم بأنه لم تكن العلاقات بين الفرس والعرب جيدة في معظم الأوقات وعلى مر التاريخ، واتسمت بالتوتر الشديد في أغلب الأحيان نتيجة رغبة الفرس في التسلط على العرب واستباحة أراضيهم، وكان يقابله رفض العرب ممن لديهم عزة ونخوة وكرامة، وعدم تقبل للخنوع والتبعية. استحضروا لأحفادكم البعد التاريخي المتمثل بأن أول من اتفق وتحالف مع البرتغاليين للحرب ضد العرب هم الصفويون بقيادة الشاه إسماعيل الصفوي، وأن من يتفق ويتحالف مع القوى الأخرى اليوم -من تحت الطاولة- لتدمير العرب هم أحفاد الصفويين!. ذكروا محيط مجتمعكم بأن مشروع شعار الولاية ما هو إلا لمصلحة القومية الفارسية، ولتنفيذ أجندتها، وتدمير الدول العربية!.

درسوا أبناءكم عما ارتكبه أئمة الظلامية البغيضة تاريخياً وحالياً، وعن حجم الجنايات والمآثم التي اقترفوها بحق أبناء الأرض السبئية الحميرية!. بينوا لأبنائكم عما قامت به الكهنوتية السلالية وقفازاتها القذرة من السلب والنهب والقتل، وإثارة الفتن والمكائد والخديعة والوقيعة بين أبناء الأسرة الواحدة وبين أفراد القبيلة، وعن تزوير التاريخ، وتحريف الحقائق، ودفن التراث، وطمس الهوية، واستغلال الدين، وتوظيف الولاية!.

وضحوا لأبنائكم ولأحفادكم بأن النضال الوطني الخالص قائم على محاربة الظلم، ومستمد من مقارعة الطغاة، ومرتبط بمجابهة الخرافة والتزييف، ومتصل بالحفاظ على الهوية والثقافة والحضارة الممتدة، وذو صلة عميقة بالعزة والكرامة والنخوة والحرية، ويصب بمصلحة أرض الوطن (كل الوطن)، وأبناء الشعب (كل الشعب)، لا بمصلحة الفئة الكهنوتية وعرقية السلالية!.

هذبوا ابنائكم واحفادكم بأن كفاح الثوار الوطنيين الاحرار، ومقاومتهم لدعاة الدجل والظلام والخرافة، كان من أجل إخراج الشعب من ظلمات الجهل والفقر والمرض والعكفوية إلى رحاب النور والعلم والبصيرة والحرية؛ وذلك ما سوف يُخلد، وما يدعو للفخر والتباهي والزهو، وسوف تتوارثه وتتناقله أجيالهم المتعاقبة. وفي الوقت نفسه، حذروهم من اتباع منهجية القفازات القذرة من أصحاب المصالح الضيقة، التي استخدمها ويستخدمها الترك او الفرس او الكهنوتية السلالية او غيرهم؛ وان اولئك سوف ينتابهم الخزي الدائم، ويلاحقهم العار والشنار، وتطوف حولهم اللعنات التاريخية بين الأجيال المتتالية!.

اخيراً، اغرسوا في أبنائكم وأحفادكم بأن الوقوف مع أرض الوطن ومع أبناء الشعب ليست عملية اختيارية براغماتية وفقاً لما تقتضيه المصلحة والظروف؛ بل أن ذلك هو جوهر الفطرة السليمة النقية المعافاة، وما سواه هو نشاز وشذوذ واعتلال!. لو تمعن جميع أبناء الشعب للحظات عما ارتكبه أحفاد الكهنوتية، وما اقترفته السلالية وقفازاتهم مؤخراً، وعن مستوى الفتنة والشرخ والتفكك على مستوى الأسرة والقبيلة والمجتمع؛ لكفى ذلك لإزالتهم كلياً وبأثر رجعي من على وجه الأرض السبئية الحميرية.