آخر تحديث :الثلاثاء-21 مايو 2024-11:46ص

الحرابي الهاشمية

الأربعاء - 01 مايو 2024 - الساعة 12:14 ص

أنيس ياسين
بقلم: أنيس ياسين
- ارشيف الكاتب


قرأت رواية "الحرابي الهاشمية" الصادرة حديثا لكاتبها "ذو عدينة"..
الرواية عبارة عن مراسلات بين شخصين هما شخصيتا الرواية،
الأولى: "لؤي" وهو (قيل) ناشط ومقاتل ينشر فكر الأقيال على صفحته ومقاتل في الجبهات ضد مليشيا السلالة..
اعتقلت السلالة والده وعذبته حتى الموت، كما فجرت منزله وقتلت أسرته بداخله..
الثانية: "زهراء"، هاشمية تعمل في منظمة رضية المتوكل.. تعرفت على آرائه ومواقفه عبر صفحته في الفيسبوك فقررت التواصل معه..
دار بين لؤي وزهراء نقاش (مراسلات) حول الأقيال والخو.ثيين والها.شميين، وطبيعة المعركة والفكرة التي يحملها الأقيال ورؤيتهم لطبيعة المعركة التي يخوضها اليمنيون ضد السلالة.. وكل واحد حكى قصته وقناعاته للآخر، لؤي تمثل حراك وفكر القومية اليمنية - أقيال، وجسدت شخصية "زهراء" الشخصية الهاشمية بتلونها ومكرها ووجوهها المتعددة.

الرواية التي جاءت في 114 صفحة من القطع المتوسط، وعلى الرغم من انها في مجملها أبرزت جوانب مهمة من فكر الأقيال وحراكهم القومي وموقفهم الحاسم والصارم تجاه السلالة ومشروعها الاستيطاني العنصري وخطره، وكذا المعركة الوجودية التي يخوضها اليمنيون مع السلا.لية الها.شمية، إلا أنها وقعت في المحظور -على الأقل من وجهة نظر حراك الأقيال- حيث هدمت الرواية - أو لنقل غفلت عن- ركيزة من الركائز وثابت من الثوابت التي ينطلق منها حراك القومية اليمنية- أقيال، ويؤسس فكره وخطابه ومعركته عليها.. ألا وهي عدم الخوض في، والانجرار إلى المعارك والخلافات والصراعات البينية بين المكونات والقوى اليمنية أحزابا وجماعات وشخصيات، أو التخندق أو إثارة هذه الخلافات أو تبني مواقف -باسم حراك الأقيال- تتعصب لجماعة أو حزب أو تيار ما ضد جماعة أو حزب أو تيار آخر.

وهذا ما يؤخذ على الرواية وكاتبها حيث وقع الفخ حين خاض في الخلافات الحزبية والصراعات والشقاقات اليمنية- اليمنية والقضايا الخلافية شديدة الحساسية وتناولها من وجهة نظر طرف بعينه.. علما أن غالبية اليمنيين من مختلف المكونات والأطراف باتوا على قناعة بأن الجميع ساهم في تقديم اليمن إلى أحضان السلا.لة، فضاعوا جميعا وأضاعوا البلاد.. وأن الجميع فرط وقصر وعاند وتمترس وكل شارك بشكل أو بآخر بقصد او بغير قصد كل على قدر جهده وحجمه وتأثيره، وكان الثمن ضياع اليمن والجمهورية ووقوعها في قبضة هذا المشروع "بقلبه الإمامي، وعقليته الخمينية، وبزته السلا.لية" على حد وصف صديقي "عبدالستار سيف الشميري". وأن الجميع بلا استثناء كذلك دفع ويدفع الثمن.

موقف حراك القومية اليمنية - الأقيال ثابت وصارم ومبدئي من حيث هو يرفض جملة وتفصيلا الانجرار إلى مستنقع هذه الخلافات والتمترس داخلها، ليس هذا وحسب بل لم ينشأ هذا الحراك الشعبي من الأساس إلا كرد فعل لحالة التشظي والصراعات اليمنية- اليمنية، والعمل على دفع كافة المكونات الوطنية والقوى المواجهة للمشروع الاستيطاني السلا.لي، للاجتماع والالتقاء بمختلف مشاربها وأطيافها تحت راية اليمن والقومية اليمنية والمعركة الأم، والعمل معا لاجتثاث هذا المشروع واستعادة الوطن والجمهورية الضائعة.

هذا ما تجاوزه الكاتب في روايته حين انزلق إلى خندق 2011 وفبراير وأحداث الساحات واستنسخ مفردات خطاب تلك المرحلة من وجهة نظر وقاموس طرف بعينه،
وراحت الرواية تحاول -وباسم حراك الأقيال- خدمة طرف (جماعة /حزب/فريق) من الأطراف اليمنية وإصدار الأحكام على الطرف الآخر الذي هو "علي عبدالله صالح".
يقول بطل الرواية "لؤي" محدثا الهاشمية "زهراء" في الصفحة (95، 96):
"والد يوسف، عبدالسلام، استشهد في محرقة الحقد الأسود التي نفذتها قوات المخلوع صالح عام 2011م في ساحة الحرية في تعز. كان عبدالسلام أبا لطفلين، يوسف وصلاح، ولأنه أراد حياة أفضل من الحياة التي عاشها، فقد ذهب ليشارك في الثورة، وطالب بسقوط صالح فسلبه صالح حياته كلها.
(...)
لم يكن يعلم بأن الشر قد أعد عدته وجهز نفسه لأحراق الساحة بمن فيها. لم يكن يتخيل بأن البشر قد تحولوا لذئاب مفترسة تتغذى على لحوم الضعفاء، لم يكن يعلم بأن صالح لن يحرق الساحة فقط، بل سيحرق اليمن بأكملها، وقد فعل ذلك"..

"زهراء" بدورها ومما جاء في ردها على رسالة لؤي تلك ص 97, 98:
"الحياة على هذه الأرض مؤلمة وقاسية، والأشد قساوة من ذلك أن تكون يمنيا ولد في فترة الحوثي وصالح".
".... ومع ملايين الاحتمالات الممكنة كان مصيرنا أن نولد في هذا العصر السيئ وفي بلد يحكمها الحوثي وصالح. هل أدركت الآن حجم تعاستنا يا لؤي".

"... لكننا وللأسف الشديد لن نعيش ذلك، فنحن الآن في زمن الحوثي وصالح".

هذا الطرح ليس تأريخا، ولا هو مجرد رواية لوقائع وأحداث وقعت، بل هو حكم قاصر بما هو يتبنى وجهة نظر طرف بعينه ويتمترس خلفها، وهو اجترار للماضي في الوقت الذي قد تغيرت فيه قناعات ومواقف وأطروحات وخطاب أطراف الصراع ذاتها، وأخذت الأطراف واليمنيون عموما في إعادة النظر وإجراء المراجعات في المواقف إلى حد كبير.. مع شبه إجماع وتوافق على ضرورة توحيد الصفوف وتجنب الخوض في تلك القضايا والملفات الخلافية.

وأخيرا يلزمني التأكيد على التالي:
- للكاتب رأيه وقناعاته والتي نحترمها ولا نصادرها، لكن يلزم التأكيد أن هذا الرأي ليس هو رأي الأقيال، ولا هذا هو فكر ولا نهج ولا توجه حراك القومية اليمنية، وهذا بسبب ما تبنته الرواية من موقف في الجزئية التي تناولتها أعلاه، علما أنه لم يكن الكاتب مضطرا على الإطلاق لحشر هذه المسألة التي حرفت الرواية عن مسارها وأبعدتها عن هدفها وأضرت برسالتها، ولولاها لكان عملا قوميّا لا غبار عليه ولمثلت إضافة حقيقية لمكتبة حراك القومية اليمنية- أقيال.
- رأيي في الرواية وفي الجزئية التي اختلفت فيها مع الكاتب لم يكن ليتغير لو افترضنا أن الكاتب تخندق في صف (صالح) ضد الطرف الآخر. وهو الرأي والموقف الذي يفرضه فكر وحراك أقيال.

- حراك الاقيال لا يخوض ويتخندق في الصراعات الحزبية ولا هذه معركته..
وكل من يريد أن يتحدث باسم حراك الاقيال أو يتبنى فكره عليه أن يحترم مبادئه وعدم تجاوز خطوطه الحمراء وألا يزج به أو يوظفه في معاركه الصغيرة وأمراضه.
ولهذا نحن كأقيال من المهم جدا أن نقول هذا يمثل الأقيال وهذا لا يمثل إلا صاحبه.

- معركة الأقيال ليست إلا باسم اليمن ولأجل اليمن ولا يمكن لها أن تكون لغير ذلك.
معركة اليمنيين مع الاستيطان السلا.لي، كما يراها الأقيال، هي معركة يستحيل حسمها إذا خضناها باسم حزب أو مكون أو فصيل أو جماعة أو منطقة أو قبيلة أو شخص...
لن ننتصر وننجز الخلاص إلا في معركة نخوضها باسم اليمن.. ولأجل اليمن، واليمن لا سواه.

- وأختم هنا برسالة أوجهها للأقيال والإكليلات أينما كانوا، هي وصية غالية قالها غائب حواس ذات جلسة جمعتنا به مع عدد من الأقيال:
الحذر ثم الحذر من أن يتحول حراك الأقيال إلى مجرد "مكملات غذائية" للأحزاب تواجه بكم هزالها وتستعين بكم على عجزها وتقضي بكم حوائجها.